آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

اعتداء على سيدتين مسلمتين

كمال أحمد المزعل *

محاولة الاعتداء على سيدتين مسلمتين في محطة القطار «الماكس» في مدينة بورتلاند بولاية أوريجون بالولايات المتحدة، التي جرت يوم الجمعة الموافق 26 مايو الماضي، وما نتج عنها من مقتل شابين أمريكيين من المدافعين عن السيدتين وجرح ثالث، وبغض النظر عن تفاصيل الاعتداء، فالنتيجة كانت مقتل اثنين من المدافعين وجرح ثالث، وتم إلقاء القبض على المعتدي بعد ساعات، وساعد في ذلك تصوير للحادثة من قبل أحد الحضور.

والسؤال هل كنّا نتوقع هذا الموقف من أفراد أمريكيين تجاه سيدات مسلمات؟

هؤلاء الشباب الذين ضحوا بدمهم، من المؤكد أنهم لا يتفقون في معتقدهم مع السيدات فهم مسيحيون والسيدات مسلمات ولكنهم رفضوا التعدي عليهن رغم ذلك، ما أعلاها من قيمة، ما أكبره من موقف.

قديما قال «فولتير»: قد اختلف معك في الرأي ولكني مستعد أن أدفع حياتي ثمنا لحقك في التعبير عن رأيك.

لقد طبق هؤلاء الشبان تلك المقولة، فقد دفعوا حياتهم مقابل حفظ كرامة تلك السيدتين والحفاظ على سلامتهن، وهو بالتالي درس مهم لنا كمسلمين، فهل نسمح نحن المسلمين لغيرنا من اتباع الديانات الاخرى في التعبير عن موقفهم ودينهم وثقافتهم في مجتمعنا، هل نحن على استعداد للدفاع عنهم تجاه أي اعتداء يتعرضون له.

هل نحن على استعداد للدفاع عن ما يتعرض له أصحاب الديانات الأخرى أو المذاهب الأخرى في مجتمعنا؟ ولو بموقف؟ ولو بكلمة؟

بل هل نسمح لأصحاب المذاهب الأخرى من المسلمين من العيش معنا بحرية واحترام وتقدير دون التعرض لهم أو المساس بحق من حقوقهم، أما أن الأصل لدى البعض هو سلب حقوقهم ومنعهم من إبداء رأيهم، تحت ذرائع شتى، بل لعل البعض يرى أنهم لا يستحقون حتى الحياة، فالموت - بالنسبة للبعض - هو ما يستحقونه، للأسف هذا هو الفرق بيننا وبينهم.

هذه القيم التي كان من المفروض أن نؤمن بها نحن المسلمون ونطبقها، نجدها بالغرب ونفتقدها في مجتمعاتنا المسلمة، وقد قال الشيخ محمد عبده عندما زار باريس عام 1881م، مقولته المشهورة «ذهبت للغرب فوجدت إسلاما ولَم اجد مسلمين، ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكن لم أجد إسلاما».

لعل الإسلام الذي تحدث عنه الشيخ محمد عبده، هو حالة التصدي لأولئك الشبان الذين أطلق عليهم في بورتلاند «ابطال بورتلاند» ما قاموا به هو تجسيد لقيم الإسلام التي حثنا عليها ديننا الحنيف، حالة الاختلاف في تقييمنا للصح والخطأ، والتمايز في مواقفنا تجاه ذلك، عبر عنه الكاتب علي الوردي قائلا إنه «التناشز الحضاري» فيقول إن الإنسان العربي يخضع لنظامين قيمين، أحدهما ديني والآخر قبلي /عصبوي.

فبالرغم من أن الدين يدعو للعدل والمساواة ورفض الظلم عن الحيوان ناهيك عن الإنسان، إلا أنه عندما يصطدم بأمر يخص قبيلته أو عصبته، عندما يخضع للامتحان فإنه يسقط، عندما يتعرض الامر بعصبته أيا كانت، المذهبية أو القبلية أو غيرها وهذا للأسف ما نقع فيه جميعا، وفِي مواقف كثيرة من دون أن نشعر.

لذا هل يمكن لهذه الحادثة أن توقظ فينا نحن المسلمون جميعا قيم الإسلام الحق، دون أن تؤثر فينا قيما طائفية أو قبلية أو مصلحية، فنرى الحق حق أينما كان.

ونرى التعدي - بغض النظر عن موقعه - أمرا مرفوضا، سواء يخص فردا أو جماعة أو مذهب أو دولة.

ونرى الظلم ظلم، حتى وان صدر عن قريب منا أو صديق أو من نرتبط به بصلة، أيا كانت هذه الصِّلة، وايا كان موقع ذلك الشخص ومكانته.

نأمل أن نصل في مجتمعاتنا إلى الوقوف مع المظلوم بغض النظر عن لونه أو جنسه أو مذهبه أو ديانته، ونرى الحق حقا ونتبعه، ونرى الباطل باطلا فنجتنبه، وبالله التوفيق.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
ابومحمد
[ القطيف ]: 8 / 6 / 2017م - 2:32 م
كلام جميل والرسالة وصلت. ولكن لا حياة لمن تنادي. هنا الوضع مختلف والسبب الثقافة والتعليم الخاطئ. الفرد لدينا من طفولته يلقن بأن كل من يختلف معه دينياً لاقيمة له ويجب دهسه. ومن المؤلم ان هناك من يرى غير ذلك.
سيهات - عضو مجلس بلدي سابق - راعي منتدى سيهات الثقافي