منظمة «أودك»
هل سمعتم عن منظمة «ODEC»؟ أجزم أنكم لم تسمعوا بها من قبل. إنها منظمة الدول المصدرة للتمور Organization of the Dates Exporting Countries، هذه المنظمة لا تقل أهمية عن «أوبك»، فهي تتحكم في إنتاج التمور وتسيطر على أحد أهم عناصر الأمن الغذائي. العجيب أننا لا نعرف عنها شيئًا.. والحقيقة نحن لا نعرف عن هذه المنظمة لأنها غير موجودة بالمرة.
قريبًا يحل شهر رمضان المبارك على الدول الإسلامية التي تضم أهم منتجي التمور في العالم «السعودية والإمارات» حيث تشير إحدى الدراسات إلى أنهما تنتجان 15% و14% على التوالي من حجم الإنتاج العالمي من التمور. وتمتلك دول المجلس أكثر من 65 مليون نخلة، منها 40 مليونا في الإمارات، و23 مليونا في السعودية، وتنتج 2,9 مليون طن من التمور سنويًا، وتشير الإحصاءات إلى وجود 150 مصنعًا في دول المجلس، معظمها يمارس التعبئة والتغليف فقط، ويكتفي 15 مصنعًا بإنتاج صناعات مثل البسكويت والدبس.
يعتبر التمر فاكهة مهمة غذائيًا، ولسنا هنا للحديث عن فوائدها الغذائية أو الصحية، وتكفينا الإشارة إلى أن تناول 100 جرام منها يوميًا يوفر للإنسان جميع احتياجاته من المغنيسيوم والمنجنيز والنحاس والكبريت ونصف احتياجاته من الكالسيوم والبوتاسيوم. أما اقتصاديًا - وهو مرادنا - فيعتبر مجرد الاستثمار في زراعة أشجار النخيل وبيع ثمارها مجديا، حيث تنتج الشجرة الواحدة ما بين 80 إلى 100 كلجم من التمر بعد 7 سنوات من زراعتها. ورغم أننا ننتج تمورًا بكميات كبيرة، مع ذلك ما زلنا نفتقر إلى الأساليب المتقدمة للاستفادة من هذه الفاكهة العجيبة. نحن بدائيون حتى في مجال التعبئة والتخزين، فهناك كميات كبيرة في السوق يتم التخلص منها لأنها تتلف نتيجة سوء التعبئة أو التخزين، إذ بلغت نسبة الفاقد من إنتاج العام الماضي فقط نحو 50%. لا شك أن الحاجة لا تزال قائمة للتوسع في مصانع تعبئة التمور، لكننا أكثر حاجة إلى صناعات غير تقليدية، وهذا يتطلب تفعيل الدراسات والأبحاث التي قد تفاجئنا بإمكانية الاستفادة من التمر في تصنيع كثير من المنتجات التي نستخدمها في حياتنا، والتي تعتمد على موارد ناضبة، ومن المناسب أن نستحضر تجربتنا مع النفط ولا نكرر الخطأ عندما اكتفينا بامتلاك أكبر احتياطي منه، وغرّنا أن نكون ضمن أكبر المصدرين له في العالم، ولم نبادر لنكون أفضل المستثمرين في الصناعات المعتمدة عليه. ومن قبيل المصادفة أن «أوبك» تختص بالنفط الذي يمد العالم بالطاقة الأولية، و«أودك» تختص بالتمر، الذي يعتبر من المنتجات الغذائية الغنية جدًا بالطاقة التي يحتاجها جسم الإنسان، وقد شبّهه البعض بالنفط الذي ينمو على الشجر، ولا ندري فلربما تستطيع دول «أودك» أن تطور أبحاثًا فتجعل من التمور مصدرًا بديلًا أو رديفًا للنفط كطاقة لتشغيل المحركات ووسائل النقل وإنتاج الطاقة الكهربائية وغيرها. إذا كان عام 1963 قد شهد تأسيس المنظمة الدولية للقهوة، حيث جمعت تحت سقفها أغلب الدول المصدرة للقهوة وكذلك أهم المستوردين لها، فلماذا لا يشهد العام الجاري أو القادم تأسيس المنظمة الدولية لإنتاج وتصنيع التمور؟ وإذا لم تهتم الدول الرئيسية المنتجة للتمور بهذا الإنتاج وتحويله إلى صناعات غير تقليدية فإن المستقبل قد يحمل لنا مفاجآت صادمة، وتتحقق مقولة «ناقل التمر إلى هجر» بعد أن تتفوق علينا الدول الأخرى في إنتاج تمور أكثر جودة، خاصة أنها تمتلك الجدية في الدراسات والأبحاث ما يؤهلها إلى التوصل إلى زراعة أشجار النخيل في مكان آخر غير منطقتنا وحينها لن تنفعنا «أودك».