سقوط طفل أم كرتونة من حوض السيارة
إلى من يهمه الأمر
إدارة مرور منطقة الأحساء، والجهات المعنية بالمركبات ونقل الأفراد، والشركات الخاصة، وكذلك عموم المواطنين، الذي ينقلون أفراداً، في صندوق السيارة، مخالفين الأنظمة والقوانين المرورية، ومستهترين بالأرواح...
لماذا ونحن في عام 2018 ومع النقلات النوعية في الأنظمة المرورية وأجهزة الرصد الإلكترونية، لازال هذا المنظر متكرر ومتواجد على شوارع وطرق المملكة العربية السعودية، منظر غير حضاري، منظر مخالف، منظر غير إنساني...
ارتبط الماضي بالحاضر بعديد من الذكريات، التي عاشها جيل الثمانينات من آبائنا وأجدادنا في المملكة العربية السعودية...
من ضمن تلك الذكريات الماضية، تعدد وسائل النقل كالأبل والحمير، وقبل ظهور السيارات، وأنه لا يوجد عدد هائل من السيارات في الطرق والأحياء، وحوصرت السيارات فقط على متوسطي الدخل وكذلك الاثرياء...
وكانت السيارة في تلك الحقبة الماضية من الزمن الجميل، سيارة واحدة في ”الحارة“ بحيث صاحبها يكون رجل المهام الصعبة والذي عليه المتوكل، في مساعدة أهله وأسرته وجيرانه، وتقديم كافة أوجه المساعدة بسيارته، التي قد ينقل بها عدد كبير من الأفراد في داخل السيارة وكذلك في صندوقها، ويحكم شح المال والسنوات الصعبة في المعيشة...
تلاشت هذه الصورة الجميلة مع تلاشي عدد من الذكريات الماضية في كثير من المدن السعودية والحضرية، بعد ظهور النفط وتطور المدن والبشرية، ولكن بقيت هذه الصورة في بعض المحافظات والهجر وضواحيها، وما أعاد إلى ذهني الحديث عن هذه الذكرى التي تجسد ماضي الأجداد في روعته وبساطته، ولكنه يبقى خطراً في عامنا الحالي والسبب الطرق السريعة والتهور الذي تضاعفت معدلاته بين الشباب...
ما سأسرده في هذا المقال هو من الواقع، أثناء عبوري أحد الطرق في منطقة الأحساء، وبحيث كانت سيارة أمامي وتركت مسافة آمنة بيني وبين من كان أمامي في لحظتها، وفوجئت بتوقف السيارة السيدان التي أمامي توقفاً تاما، ونزل سائقها يركض للشارع، وبعد أن شاهدت ووجهت انظاري للأمام أكثر...
شاهدت سيارة وانيت تويوتا، يسقط من صندوق طفل صغير لا يتجاوز الخمس سنوات، وقائد هذه السيارة لم يشعر بسقوط أحد من صندوق سيارته، مستكملا المسير، لوجهته، وكأنه كرتونة وقد طيرها الهواء على الطريق، والقدر هو أن قائد السيارة التي أمامي كان يسير ببطء وبينه وبين الطفل فقط متر تقريبا....
نزلت من السيارة متعجباً، ومستغرباً، ومستهجناً، ما حدث أمامي، كيف سقط الطفل من هذه السيارة، وكيف قائد السيارة لم يشعر، وفجأة على بعد 40 متر من الواقعة، توقف قائد الوانيت، ونزلت منه سيدتان، تهرعان بسرعة نحو الطفل الذي سقط وحمله قائد السيارة الذي كان أمامي، جزاه الله خير...
وقف الأب ممسكاً بباب السيارة الأمامي، ولم يحرك ساكناً، بينما السيدتان هما من حملتا الطفل وهو يبكي من أثر السقوط وأوجاعه وأصابته من الموقع المرتفع بالسيارة، ترك أثاراً لا نعلم ما حجمها...
ركبت سيارتي وأنا أتساءل بداخل نفسي وأستعيد الموقف من بدايته، فذكرت أن هذا الطفل المصاب الذي سقط كان بجانبه طفل آخر، وقائد السيارة حينما كان مستكملاً طريقه ولم يشعر بسقوط طفل من صندوق سيارته، والذي أشعره بذلك هو الطفل الآخر الذي ظل يطرق الزجاج ويصرخ، ويبكي على أخاه الذي سقط...
ما دار بذهني لحظتها حينما شاهدت الأب ممسكاً بباب سيارته ولم يحرك ساكناً، والسيدتان هما من أنقذا الموقف المخجل والمثير هو، أن الذي سقط ليس طفل وإنما ”كرتونة“.
بعض المستهترين والمتهورين لا زالوا يستخدمون صندوق السيارة في نقل بعض أفراد أسرهم أطفالاً ونساءً، أو العمالة الأجنبية، ضاربين بالأنظمة المرورية عرض الحائط، ومعرضين الركاب لخطر السقوط من حوض السيارة، والعرضة للدهس تحت إطارات سيارات أخرى.
أشكر قائد السيارة التي كانت أمامي، وقدم مثال أنساني ومضرب مثل حي، حينما قام بأخذ الطفل من على الطريق الأسفلت وحمله بين يديه وفي أحضانه، وبينما وقف الأب في موقف المشاهد والجمهور.
أتعض قبل أن تكن أنت العضة لغيرك.