مثقفون: الدكتور الوابلي رمز وطني حارب الفكر الارهابي.. ورحيله «خسارة»
أكد مثقفون على أن الدكتور عبد الرحمن الوابلي هو نجم إنساني؛ ورمزاً للاعتدال في زمن التطرف، ورمزاً للوحدة في زمن الانقسام.
وشددوا على أن الدكتور مثقف كان يحمل هم الوحدة الوطنية ومحاربة الفكر الارهابي؛ مشيرين إلى أن رحيله يعد خسارة إلى الدراما السعودية التي ترك بصمة واضحة فيها.
جاء هذا في الأمسية التكريمية التي نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي بالتعاون مع الجمعية السعودية للثقافة والفنون بالمنطقة الشرقية في جمعية الثقافة والفنون بالدمام.
وقال رئيس المنتدى جعفر الشايب في كلمته أن الاحتفاء بالراحل الوابلي هو احتفاء بمثقف تنويري تفاعل مع قضايا مجتمعه الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية. مجسداَ في مسيرته قيماً انسانية ومواقف ثابته وطرحا ثقافيا ناقدا.
واضاف في الامسية التي شهدت تفاعلا من أسرة ومحبي الدكتور الراحل: أن الكاتب وظف ما يمتلك من أدوات في تنمية الوعي الوطني والاجتماعي لمواجهة الفكر الظلامي واتجاهات التطرف وجماعات الإرهاب بكافة تمثلاتها.
وشدد على أن خطاب الدكتور الوابلي المكتوب والمتلفز قد أسهم في تشكل وعي نقدي بناء ضد مختلف اشكال الممارسات الاقصائيه والتأكيد على قيم الحياة والعداله والسلام.
وقال إن الاحتفاء بالراحل واجبا أدبيا يتسق مع أهداف منتدى الثلاثاء الثقافي بهدف تجسير العلاقة بين النخب الثقافيه وفتح مجال الحوار وطرح القضايا الفكرية والاجتماعية من منظور وطني.
من جهته؛ أكد شقيقه عبد الله الوابلي أن الامسية تخلق الإحساس بأن الراحل مازال حيا بأفكاره؛ التي تجسد المناداة بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي ومحاربة الفرقة والطائفية.
وبين في كلمته التي تضمنت إشادة بزوجة الراحل «أم جهاد» بقوله «وراء كل رجل عظيم؛ امرأة» إنه لن ينظم جمل المدح في حق أخيه؛ موضحا أن شهادته «مجروحة في حقه».
ونوه إلى حب الراحل إلى الدراما منذ طفولته، وأنه كان محبا للضعفاء والصدق والإنسانية بكل الأطياف، مستشهدا ببعض القصص والطرائف التي تؤكد إيمان الراحل بأن لا رفاهية ولا سلام إلا بمحبة الناس.
وبين مختص علم الاجتماع الدكتور عبد السلام الوايل دور المثقف وتأثيره في المجتمع، مستشهدا ببعض النظريات في علم الاجتماع التي تشير إلى المثقف المرتبط بآمال الجماهير.
وأشار إلى أن الراحل أبو جهاد؛ يحقق نظرية المثقف العضوي الذي يحظى بشعبية كبيرة؛ لافتا إلى أن هذا يعد إنجازا كبيرا في مجتمع يرى أن المثقف العضوي هو الرجل الديني.
وأكد على أنه يعد من القلائل الذين استطاعوا بلورة هذه الصيغة في المجتمع السعودي الديني، لافتا إلى أن الراحل الوابلي حمل رؤى المثقفين وكلماتهم عبر الدراما والمسلسلين «طاش ما طاش» و«سيلفي».
واشار إلى أن أبرز القضايا التي ناقشها الوايلي هي الوحدة الوطنية ومكونات الوطن والوقوف ضد أي خطاب يحرض على الطائفية؛ موضحا أنه كان مدافعا شرسا ضد الطائفية ودفاعه للجماعات بدافع وطني وإنساني.
وبين أن القضية الأخرى التي برز الوابلي في الدفاع عنها هي قضية المرأة؛ مما اكسبته حضور كبير في المجتمع؛ مشيرا إلى صدقه وعدالته وشجاعته في طرح القضايا التي يهتم بها.
وأوضح الكاتب ميرزا الخويلدي أن الراحل عبد الرحمن الوابلي، لم يترك لوناً رمادياً نتجادل فيه، كان واضحاً منحازاً بالكليّة والمطلق لقيم العدالة والحرية والمواطنة والتسامح والتعايش والاصلاح والتآخي والحداثة أيضا.
الذي تبنى الحديث عن الإصلاح الاجتماعي والعدل وقيم المساواة والحريّة والتنمية، والسلوك المتحضر.
ونفى الخويلدي في الامسية التي شهدت حضور واسعا؛ أن يكون الراحل مثل الكثير من المثقفين الذين يثيرون الهزيمة، ويحّرضون على العنف، ويدعون للعصبية، ويتعاملون مع الآخر بفوقية، ومع منتجات الحضارة بسطحية، ومع العصر الذي يعيشون فيه بهامشية.
وقال: في ذروة الاشتباك الثقافي، كان عبد الرحمن الوابلي مبادراً لتفكيك العقد قبل أن تتحول الى أزمات، وسط انقسامات في عموم المشهد العربي لا يكتفي المثقفون بالتفرج عليها، بل إن بعضهم يزيد النار زيتا، بدخولهم الأعمى حلبة الصراعات ومساهمتهم في تكريس ثقافة القطيعة والانقسام.
ومضى يقول: قد خسرنا قبل عام من الآن رجلاً شجاعاً ونادراً هو عبد الرحمن الوابلي المثقف الرصين والذي اختار بشجاعة أن يكون حرا وأن يخرج سطوة الفكر النسقي السائد ويتبنى خيارات تنسجم فقط وقناعته وضميره، ولذلك فقد اشتغل على مشاريع ثقافية وفكرية همها الأكبر أن تَعْبِرَ فوق الانقسامات وأن تتجرأ على التعبير عن خياراتها، وأن تنظر بميزان واحد للمجتمع البشري.
وأضاف؛ نفتقد بغيابه دور المثقف الذي يمكنه أن يبني جسور التواصل في مجتمعات ابتليت بالانقسامات حدا لا يطاق، وأصبح بعض تلك الانقسامات مهددا للتنمية، ومعيقا لمشروع الدولة، ومدخلا لتسلل الخارج.
وبين الناشط الاجتماعي منسي حسون علاقته الكبيرة بالراحل؛ مشيرا إلى أنه «ماركة على مستوى عال» وأنه نجم إنساني تجاوز حدود الجغرافيا.
وأوضح أن أبرز القضايا التي كان صديقه الراحل يتصدى لها هي قضايا الإرهاب ومحاربة الطائفية والدعوة إلى الوحدة الوطنية؛ مشيدا بالرؤية العميقة للدكتور الراحل؛ وقدرته العظيمة في سرد المقالات والتي يمتاز بها عن بقية الكتاب.
ووصف حسون أن الوايلي بأنه أوسع من «مسلسل طاش ما طاش» و«سيلفي».
من جهته تحدث الممثل ناصر القصبي من خلال التسجيل الصوتي والمرئي له؛ عن تجربته الشخصية في العمل الدرامي؛ مشددا على أن رحيل الدكتور يعد «خسارة فارس كبير» رغم قصر المدة التي قضاها في تجربته الدرامية.
وأكد على أن الشيء الملفت في شخصية الدكتور هو تفانيه «العجيب» وتطرقه إلى الخطوط الحمراء والتي كانت تبرز جموح الفنان بداخله.
ونوه إلى حرية الدكتور التي كان مفاخر بها؛ وإلى استقلاليته؛ واصفا إياه بأنه «مناضل حقيقي وليس ادعاء»، ومشيدا بمرونته وإنكاره للذات.