آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 12:07 ص

الورد المحمدي.. متوارث منذ القدم ومهدد بالانقراض في مجتمع القطيف

جهات الإخبارية مريم آل عبدالعال - تصوير: بندر الشاخوري - القطيف

عرف الورد المحمدي في القطيف قديماً كمكون تراثي أصيل في مناسبات الفرح والأعراف التراثية بين العادات والتقاليد، حيث تعددت استخداماته في الزينة والتداوي، إلا أنه يكاد يكون مندثراً مؤخراُ مع قلة زراعته وطلبه، رغم عودته القوية مستورداً لزينة أطباق التحلية الشعبية.

ويعتبر الورد المحمدي إلى جانب الريحان والفل من الأزهار المتبارك بحضورها في الأوساط العربية لذكره في الروايات منذ عهد النبي ﷺ، وكان حاضراً في الأعراس الخليجية من زينة العروس إلى عقد المعرس مع الريحان إلا أن الريحان بقي حاضراً دون الورد حيث حل محلها الجوري المستورد.

عادات انقرضت في القطيف

بين الباحث التاريخي عبدالرسول الغريافي أن الورد المحمدي في القطيف له موسم واحد حتى انه عندما يشتد البرد يقال ”هذا برد الورد“ وهو البرد الذي يسبق موسم الورد قبيل الربيع، وأن في القطيف بعض البساتين التي تنتج ورودا في غير موسمها ولكنه نادر.

الورد المحمديوأضاف أن هناك طبقة من الفلاحين الراقين او الذين يعدون من الدرجة الأولى يكون تركيزهم في إنتاج الرطب والتمور والليمون وبعض المنتجات ذوات الغلات الاقتصاديه، لذا عندما يزرعون الورد فلا يعيرونه اهتماما الا لاستخدام الأهل أو ماتقوم به نساء الفلاحين من قطف وبيع لذا يلاحظ أن معظم باعته هم من النساء أو الفلاحين الضعاف.

وذكر أنه ضعف الطلب على الورد عندما انقرض حرفة التصعيد «وهي مهنة تحويل بعض الزهور إلى مياه عطرية واستخلاص الأدوية والعطور عن طريق التصعيد» ومن ضمنها الورد المحمدي، والتي كانت نشطة حتى منتصف الثمانينات من القرن الماضي.

ولفت الغريافي إلى أنه لم يبق من محترفيها إلا أشخاص معدودين على الأصابع اليوم ولا يتنجون إلا على مستوى شخصي حسب الحاجة فهناك عائلتي الحوري والكوفي في القطيف وعائلة آل طالب في سيهات.

وتطرق إلى ”شكات“ الورد ”باقات براعم الورد“ التي كانت موضع اهتمام النساء وكن ينتظرن موسمه بفارغ الصبر لتشك ”تنضد“ باقات البراعم أو وحدات البراعم في خيط فتشكل عقد او اكليلا تنيطه النساء حول جيد كل واحدة منهن وخصوصا في المناسبات والزواجات.

الورد المحمديوأردف أنه قل الطلب على هذه ”الشكات“ اليوم لأن هذا الطلب يستخدم على سبيل الاحتفاظ بالتراث.

وذكر أن النساء كانت تهتم بتجفيف أوراق الورد بوضعه في قاع ”سبت“ الملابس أو مكان مايطوى وتصف فيه الملابس لتعطي الملابس رائحة عطرية زكيه على مدار العام، ولم يعد هناك من يهتم بذلك لحلول العطور والمركبات الكيميائية بدلا منه.

وأشار إلى انقراض عادات اهتمام النساء أيضاً بوضع اوراق الورد في أواني وحاويات مياه الشرب التي تضفي نكهة الورد في الماء بل وحتى في مياه القدو والشيشة على اعتبار المدخنين والمدخنات انها تضفي نكهة أطيب.

وأكد على أن شجر الورد يحتاج لعناية فائقة على مر العام من سقاية وتقضيب «تقليم» وتسميد أحيانا لذا فليس الكل يهتم بزراعته إضافة إلى تقلص الرقعة الزراعية بشكل عام في منطقة القطيف في العقد الأخير.

20 عاما يزرع الورد المحمدي

يزرع الحاج أبوجهاد الجارودي الورد المحمدي في مزرعته على مدار العام منذ ما يقارب العشرون عاماً ويصل قطافه اليومي منها 100 وردة مستثمراً إياها في التجارة.

وعكف على زراعة الورد المحمدي بأنواعه «السلطاني، والمحمدي، والمديني، والطائفي» على أن السلطاني هو أجودها وأقواها وأكثفها إنتاجاً حيث تحمل ساقاً واحدة منها 60 وردة تقريباً ويزرع صيفاً وشتاء.

واستخدم الجارودي في زراعة الورد المحمدي غرس سيقان الورد داخل الأنابيب البلاستيكية داخل الأرض في البيوت المحمية، ويبدأ بتجهيزها قبل موسمها بشهرين.

وتعمل زوجة الجارودي على تجهيز باقات الورد المحمدي الصغيرة مع الريحان وتبيعها لتجهيزات الأعراس بالطلب.

غيابه في متاجر الورد

تحدث بائع الورد سراج العلوي عن أن اختفاء الورد المحمدي من متاجر الورد يرجع إلى اعتمادية وجود المنتجات في أي متجر على عدة عناصر منها مميزاتها وتوافرها في السوق وحاجة أو رغبة الزبائن في اقتنائها لافتاً أن الورد المحمدي لا يستثنى من ذلك.

وأضاف أنه على الرغم من أن هذا النوع من أنواع الورد المحمودة في المجتمع، إلا أن صفاته وعدم وفرته في السوق على مدار العام يحدان من احتلاله موقعا في متاجر بيع الأزهار.

وذكر أن من صفات الورد المحمدي ضعف ساقه وقصر عمره بعد القطف، إذا ما قورن مع غيره من أنواع الورد، ما يقلل أو يعدم استخدامه في هذه المحال.

ووأكد أن ما يزيد الأمر سوء شحه في السوق طوال العام، إلا في موسم وفرته «فصل الربيع»، فضلا عن عدم وجود مورد أو مزارع معين يوفره في سوق الجملة، على عكس أنواع الورد التي تجلب يوميا من هولندا والاكوادور وكولومبيا وكينيا ونيوزلندا.

وذكر أنه ولو توفر الورد المحمدي بكميات تجارية فسيفقد كثيرا من قيمته المادية وسيباع بثمن بخس، كحال منتجات زراعية محلية «الطماطم والخيار على سبيل المثال» لافتاً إلى أن الأمر نفسه ينطبق على الفل والرازقي.

تقنيات الزراعة المائية

وعن إمكانية زراعة الورد المحمدي بتقنية الزراعة المائية أكد الخبير الزراعي مهدي الصنابير على امكانية ذلك وبنجاح تام، مبيناً أن هذا النوع من الورود كبقية النباتات الأخرى تحتاج إلى ذات العناصر المغذية الكبرى والصغرى التي تمده بحاجته من الغذاء.

وأشار في مجمل حديثه أن لكل نوع من الأزهار المستوردة والمحلية درجة حرارة مختلفة عن الأخرى وظروف بيئية ملائمة تساعدها في إتمام عملية النمو، حيث يحتاج الورد المحمدي بالتحديد من 14 - 19 درجة مئوية ليلاً و28 - 29 درجة مئوية نهاراً لإتمام النمو.

وأورد من ضمن التقنيات الزراعية المائية المناسبة لزراعة الورد المحمدي مايسمى بنظام الحوض الهولندي حيث يحوي بيئة زراعية مناسبة للنمو مع الاستعانة بالمحلول المغذي الخاص.

ولفت الصنابير إلى أن الورد المحمدي شأنه شأن بقية النباتات يحتاج الى مثلث النمو الذي يتكون من الهواء والضوء والغذاء، ومتى ماتوفر ذلك صار ممكناً زراعة النبات في أي مكان.

وعلل أن النبات يحتاج للضوء من الشمس وبالتحديد الأشعه الحمراء والبنفسجية ما يتيح إمكانية نجاح الزراعة المائية للورد المحمدي ومختلف النباتات حتى داخل المنزل، مثنياً على التجربة الأوروبية في زراعة هذا النوع من الورود داخل المنازل باستخدام تقنيات الزراعة المائية.