اقتناء الحُب!
كيف يقتنى الحُب أو يسعى إليه في كل الأحوال؟
ليس الحب مادة يظفر بها ومن ثم تخبئتها كغيرها من المواد المستهلكة في حياتنا اليومية، إنما تتكون نتيجة تأثير إما نفسي أو سلوكي للمؤثر الذي قد يكون شيء ملموس أو لا ملموس كالعلم والاختراع والاكتشاف العلمي أو شخص قد يكون قريب أو بعيد، يرى البعض الحب هو المحرك للعلاقات الزوجية وغيرها من العلاقات الإنسانية ونسبة تلك الرؤية مؤقتة ومرتهنة بمدى فعالية العاطفة لدى الفرد.
فالحب الإنساني الرقيق الذي ينجم عنه الاهتمام والفرح والتجاوب والثبات، من الممكن أن يتحول إلى شراسة وحب تملك ليكتم على أنفاس المحبوب ويخنقه، والبعض يرى من ذلك حبا رغم أنه قمع وتجاوز على حرية المحبوب.
ففي فترة التعارف نجد هناك محاولات لجذب الآخر، لعدم توفر الثقة في بداية تكوين العلاقة البشرية، فكل منهما يظهر الجمال والجاذبية في شخصه لتتحرك العواطف والعطاء لتُضَّفر الروابط بين الطرفين، وغالبا مظاهر الحب تتوقف ومحاولات الجذب تختفي عند الطرفين في أغلب العلاقات البشرية ليحل محلها فعل يتوافق مع نسبة العواطف المتبقية، كما في حالة الزواج حين يعطى حق الملكية للجسد لعواطف الطرف الآخر، وبالتالي ينسحب الحب والجمال ليبدأ الملل وتأتي الحيرة ويلتحق الضجر بهم.
فلماذا هذا الانقلاب؟ رغم أن الشخصين هما نفسيهما ولم يبدر من كليهما أي خطأ، الحقيقة أن العلاقة لم تكن قائمة على الحب إنما على حب التملك والحب لا يقتنى، وهذا ما دفع الاثنين إلى عدم تبادل الحب والشوق، فما يبقي علاقتهم مستمرة، المركز الاجتماعي والمسكن والمال والأولاد.
لذلك تتكون مشاعر الغربة بينهما، وحين يجد كليهما أنه لا يمكنه استرداد الحب القديم، يتسرب الوهم لكل منهما، وأن الارتباط بشريك جديد، قد يعيد الحب المفقود والشوق الضائع.
ليس التخلي عن الآخر هو الحل غالبا، لأنه يبعث مشاعر مربكة مزيجا من القلق وعدم الأمان، حيث إن التخلص مما يُمتلك بعد التعود والاعتماد عليه يجعلهم يشعرون أنهم في مزمار لا نهاية له، وهذا التأخر في الاعتماد على قواهم وقدراتهم هو الخوف الوهمي من الانهيار والضياع إذ لم تكن لهم ممتلكات يعتمدون عليها.
لذلك إن تجديد النفس والخروج من زنزانة الأنانية، بالمحبة والاهتمام وفيض من العطاء يولد الحب المستديم النقي، من غير الحاجة إلى القيام بسلوكيات قائمة على حب التملك والاقتناء الجشع.