في اختمار الفكرة يبزغ الإبداع
”الرياضيات الذكية“، وبعيدًا عن دهاليز لغة الأرقام، تبحر الكلمات في إبحارها باتجاه ضفة أخرى، حيث النظرة المتعمقة في استشراف نافذة، تكون فسحة من مجال في ابتكار أسلوب حداثي، يعنى بكيفية إيصال المعلومة العلمية للطالبة في أسلوبها النوعي، الذي يجعلها ترتشفه، كقطرات الماء، تحمل بين أرواقه لغة لا تعرف للتعقيد ميدانًا ولا إلى الإحساس بصعوبة المادة العلمية سبيلا. أن تفكر لتبدع، هي المعنى الذي أخذتنا إليه الكاتبة انتصار آل تريك في إصدارها، بداية من تكون جنينها، عروجًا عبر نبضاته، ليكون جنينًا تناغيه عقول وذوات الطالبات، كرغوة يستأنس الطفل بأربج برائتها. هنا أن تبصر معلمة تأخذ على عاتقها مسؤولية الشغف العلمي لغرسه في أدمغة الطالبات، ليكن متميزات، لتُعمل تفكيرها، وتركز قرائتها اطلاعًا على ما أنجزته المدارس العلمية عالميًا، لتصيغ كل هذا الزخم المعرفي في كراسة علمية، يستفاد منها في العملية التعليمية، لإنجاز يفتخر به ويشاد بأحرفه. وعليه فإن مدرسة ”رند“ الأهلية أثبتت بما لا يدع مجالاً من الشك، في احتوائها المبدعات، لتشد من أزرهن، ليبلغن غيماتها - السماء - الزرقاء، فيهطل المطر، ليعترينا الربيع.
لست مختصًا بعلم الرياضيات ولا أعشقها لغة الأرقام، ولكنه استشراف حالة ما قبل ولادة الإبداع والتميز، وكيفية تعاطينا معها. لذا ينبغي هنا تقديم رسالة محبة، لكل النخب الثقافية والأدبية في القديح، لكل المؤسسات الاجتماعية والثقافية، أن تنظر بعين الاعتبار لمنجزات أبنائها وبناتها، أن يكون لهم حضورًا في الساحة الثقافية والأدبية، تحفيزًا وتشجيعًا ودعمًا معنويًا. وعليه كلي أمل أن تجذر ثقافة التكريم في جهتها الثقافية والأدبية بمختلف ألوانها، بداية من القسم الثقافي والاجتماعي بنادي مضر، مرورًا بخيرية مضر للخدمات الاجتماعية، إلى بيت الحكمة الثقافي، إلى رجال الدين، إلى النخب الثقافية والأدبية. أليس من حق هؤلاء المبدعين والمبدعات، الذين يثرون مكتباتنا بصفحات الكتب وبنات أفكارهم، أن نحتضنهم، أن نمنحهم دعمًا معنويًا، ليبدعوا أكثر. قلتها سابقًا في مقال سابق، جاء بعنوان ”القديح حبلى بالكفاءات“، الذي كان بمناسبة حصول الدكتور سعيد الجارودي على براعة اختراع، لأكررها آلاف المرات، أنها بحق - القديح - ”حبلى بالكفاءات“، لذا احتضانهم وتكريمهم والإشارة لهم بالبنان، لغة من لغات الأمومة والأبوة، نترجمها في جملة، مفادها: نفتخر بكم وبإبداعاتكم.
نهاية، كلما بزغ في الأفق مبدعًا، نسعد بإبداعه، انتشاء لحظة الإبداع، لنحزن بعدها، حيث لا احتضان بصورته التكريمية. إن كل حروفي المتعبات هذه، ليست استنقاصًا من أحد أو جهة معينة، وإنما هي فكرة، ساقها التأمل بدون موعد مسبق مع اليراع، لتكون ”في اختمار الفكرة يبزغ الإبداع“.