آخر تحديث: 5 / 12 / 2024م - 12:40 ص

ثقافة الافساد

محمد أحمد التاروتي *

الافساد مفردة تحمل في طياتها، الكثير من التفسيرات، فكل ممارسة تخريبية، سواء كانت على مادية، او معنوية، تدخل في باب الافساد، بحيث لا يقتصر الامر على الاعمال الفردية، سواء كانت ضمن منهجية مدروسة، او عبر ممارسات فوضوية، بل تشمل كذلك السلوكيات الاجتماعية، الهادفة لتكريس الواقع البائس، ومنع الحركة التنموية، سواء من الجوانب العمرانية، او الثقافية.

غرس ثقافة الافساد في العقول، يخلق مشاكل اجتماعية كبرى، فهذه النوعية من الثقافة، تعرقل المشاريع الاصلاحية، وتكرس التخلف في المجتمع، خصوصا وان حملة راية ”التخريب“، ينطلقون من النظرة الضيقة، والمصالح الشخصية، في مختلف الممارسات الافسادية، ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ، اذ يشكل الاصلاح العدو الاول، لهذه الشريحة، مما يدفعها لاستخدام مختلف الاسلحة، في سبيل فرض ارادتها، على الحركة الاجتماعية، الامر الذي يفسر محاولة الجماعات التخريبية، استقطاب المزيد من العناصر، لمواصلة مسيرة المشروع التخريبي.

خطورة الافساد لا تقتصر، على البيئة الاجتماعية المحيطة، فالشر كما يقال ”يعم“، وبالتالي فان الاضرار الناجمة، عن الافساد تطال شريحة واسعة، ”لاناقة لها ولا جمل“، حيث تكتوي بنيران اعمال طائشة، صادرة من مجموعة صغيرة، بيد ان الامور في الغالب، تأخذ طابع العموم، بمعنى اخر، فان الاثار المترتبة على عملية الافساد، تكون وبالا على الجميع، خصوصا وان البعض يحاول جر المجتمع، باتجاه طريق محددة، مما يدفعه لارتكاب حماقات، او مغامرات غير محسوبة النتائج.

الشعور بالقوة الزائفة، او الحقيقية، عوامل مشجعة على الانخراط، في عملية الافساد، فالبعض يتحرك انطلاقا، من قاعدة امتلاك القوة ”المادية - المعنوية“، دون الالتفات، او دراسة الاثار السلبية، بحيث يقدم على ممارسات خارجة، عن السياق الاخلاقي، سواء بدافع الانتقام من البيئة الاجتماعية، او لمحاولة لجر الجميع باتجاه مشروعه الافسادي، بيد ان الموقف الاجتماعي، يمثل العامل الحاسم في ايقاف تلك التوجهات، فالسكوت يشجع على التمادي، والاستمرار في ارتكاب، المزيد من عمليات الافساد، مما يحدث اختلالات واضحة، في الجدار الاجتماعي ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ.

الثقافة الاجرامية، عامل محرك للانخراط، في مشروع الافساد الاجتماعية، حيث تتحرك الجماعات التخريبية، ضمن مشروع مشترك، ”الطيور على اشكالها تقع“، اذ من الصعب انخراط عناصر، تمتلك بذور اخلاقية في ممارسات، غير قانونية، وبالتالي فان الاجرام يحرك بمثابة القاسم المشترك، للاقدام على اعمال فساد في المجتمع، فهذه النوعية من الفئات، لا تتورع عن ارتكاب مختلف الاساليب، في سبيل تنفيذ المخططات المرسومة.

التاريخ يتحدث عن ممارسات تخريبية، استهدفت المجتمعات الامنة، والمسالمة، حيث عمدت العناصر الاجرامية، لسفك الدماء والنهب، لاغراض شخصية، او لفرض الارادة، فهذه الفظائع ليست محصورة، في القرون السالفة، بل استمرت حتى العصور الحديثة، مما يدلل على استمرارية، هذه النوعية من الثقافة، لدى فئات بشرية، لا تملك في قلبها الرحمة، تجاه بنى جنسها.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
جاسم الأحسائي
[ الأحساء ]: 4 / 3 / 2017م - 9:08 م
لا فض فوك.
مع الأسف بأن المرافق الحكومية و شبه الحكومية و الشركات الحكومية و شبه الحكومية تعج بمثل هؤلاء المفسدين الذين أهدروا ثروات الوطن و ضيعوا موارده الطبيعية و البشرية و ليس من السهل ملاحقتهم قانونياً أو محاسبتهم و التشهير بهم.
فمن أمن العقوبة أساء الأدب.
كاتب صحفي