شكرا.. أصفع الأخر أيضا!
كال سعوديين عبارات المديح والتجبيل للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحرصوا على استخدام لغة انجليزية سليمة - أكثر مما هي لغتهم العربية ربما - احتفاء بتصريحاته الأخيرة المنددة بالدور الإيراني في المنطقه وبتجربة إطلاقها لصاروخ باليستي.
وانشأوا لذلك وسما امتلأ بتغريدات تكفي - لو قيلت في أحد اخر - لمحاكمة بتهمه الشرك وتعظيم غير الله!
ما يستعصي علي فهمه، كيف يقدم المرء شكره لمن صفعه على وجهه وحط من قدره وأهانه علانية!!.. فهل هؤلاء يعملون بمبدأ من صفعك على خدك الأيمن فأدر له الخد الآخر!! أم يرغبون في تجسيد المثل الشهير ”القط يحب خناقه“؟!
ترامب منع حاملي جنسيات 7 دول إسلامية بينها 6 دول عربية من دخول امريكا دون تمييز بين مشتبه به وبين عالم ومستشار يزورها ليشارك وينفع بخبرته واخر يتردد عليها ليتفقد سير اعماله وثالث يرغب في زيارة اسرته، يكفي أن تكون من بلد ليختم على جبينك ”ممنوع“ من دخول بلد العم سام! صحيح أن السعودية ليست من ضمنها ولكن التضامن واحترام مشاعر اخواننا العرب يتطلب أن لم يكن استنكار عنصرية ترامب المقيته كما فعل الأمريكيون الشرفاء أنفسهم، فعلى أقل تقدير عدم إبداء الشكر والإعجاب به! والحمدالله ان الممنوعين لم يحتاجوا لتعاطف وتحرك العرب والا لأنتظروا قرونا، وحقهم اعادته لهم الديموقراطية الأمريكية وفصل السلطات.
وإن لم يكن ذلك سببا كافيا للحذر والتوجس من هذا الرجل، فألا يعد تصريحه الصفيق انه سيلزم دول الخليج بالدفع مضاعفا مقابل الحماية الأمريكية، مؤشرا واضحا لما ينتظرنا منه؟ فنحن لا قيمة لنا عنده، ولا يرانا سوى الضعفاء الأثرياء المنضوين تحت جناحه وعلينا طرح المزيد من البيضات الذهبية في العش!
هذا الرجل يذكرني بالسادة الامريكيين البيض ممن استعبدوا الأفارقة وجلبوهم كالحيوانات من بلادهم وسخروهم لخدمتهم وعرضوهم عراة في سوق النخاسة في ظروف تفتقر للحد الأدنى من الآدمية والإنسانية، وجلدوا وشنقوا من حاول الفرار من ذلك، وجدوا أن لونهم الأبيض - الذي ليس لهم أي فضل في اكتسابه - مسوغ كاف لإذلال وتعذيب وسرقة خيرات من منحهم الله لونا مغايرا وحظا أقل من التعليم والوعي والتحضر
ترامب الذي يتباهى به البعض لأنه تحدث مع إيران بلغة تهديد ووعيد لن يتوانى عن توتير المنطقة أكثر حتى لو اضطره الأمر لإشعال المزيد من الحروب، فترتفع الطاقة الإنتاجية لمصانع الأسلحة الأمريكية ويبيعها علينا بعشرات المليارات، وليقتل العرب بعضهم بعضا حتى يفنوا لا يهم!
لن يصل لأي مكان من ينتظر من الآخرين حل مشاكله وفض نزاعاته، علينا كدول عربية ذات مصالح مشتركة توحيد صفنا وكلمتنا وجهودنا والعمل على ذلك بإخلاص حقيقي واستمداد قوتنا بفهم شعوبنا وتلبية احتياجاتهم والسماح لصوتهم ورأيهم أن يكون مؤثرا في القرار حينها لن نحتاج لترامب ولا لأسلحته ولن تزعجنا إيران مهما فعلت.