آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

الحاجة والإستهلاك

علي أحمد آل رضي

من الحقوق الوهمية أن يعتقد الفرد مسؤولية الآخرين الكاملة في توفير وتهيئة مستلزماته الضرورية والرفاهية وألاّ تُمس في أي حال إن إعتاد عليها لعقود أو سنوات أو حتى لفترة قصيرة سواءً وجد معها عهد وعقد مكتوباً أم لم يوجد. تعاقب الليل والنهار والحر والبرد والحزن والفرح وحدوث إبتلاءات تغيّر سعة العيش الى ضيق من مؤشرات عدم الثبات، وعنق الزجاجة الذي يلزمنا عبوره هو الإهمال والغفلة الناتج عن عيش اللحظة بثقلها وعدم التفكير بالمستقبل بل تركه الى وقته وظروفه وأهواله. فرص كثيرة إيجابية تتاح لا نستغلّها أو سلبية تحتوينا لا نحسن التعامل معها ولا معالجها ونضطرّ إلى التنازل لها والتعامل معها على أنها واقع لا مفرّ منه.

العلاقة والإرتباط بين الأطراف غالباً يحدد شكل الشراكة والغلبة ومتى ضعفت هذه الشراكة أمسى الجدار المنخفض والقميص الممزّق شعار ومآل، وهذا لا يلغى المسؤولية الأخلاقية والإجتماعية على الأقوياء والأثرياء. كان واضحاً هذا الأمر في البون الشاسع على مرئيات مختلف الطبقات على زيادة الرسوم وإيقاف بعض العلاوات. وللأسف، مفردة الترشيد لا يهتمّ بها عامّة الناس وهي ذات الوقت مؤلمة عند من لا يجد قوت يومه من الفقراء والمستضعفين، ومن الغبن أن نضع هؤلاء والمسرفين الأثرياء تحت ذات المعيار. في الوقت ذاته إلقاء مسؤولية الترشيد فقط على المستهلكين هو تهرّب الإدارات التنفيذية ذات العلاقة والإستشاريون من طرح بدائل فيها مشاركة في تحمّل تبعات الأزمة والمسؤولية.

يقول باريتو أن الفرد أو الأسرة تصرف 80% من الدخل على الكماليّات في حين أن 20% منه ممكن يوفّر أهم الضروريّات، ويبدو أن النظرية وبمصداقية من منظور الإستهلاك العام تنطبق على الموظف والعاطل والصغير والكبير والغنيّ والفقير، بل تجد هناك من يقترض ليشتري ما لا يحتاجه مشاركة للآخرين وهْم التخفيضات التي يطرحها البائعون لتسويق ما ركد من بضائعهم أو قرب إنتهاء صلاحيّته. الفقر ينتج من البذخ والإسراف عبر محاولة مجاراة الآخرين الصعبة بالدَّين كما عبر هضم الأثرياء لحقوق المستضعفين وعدم الإهتمام بقضايا التكافل الإجتماعي مما يخلق فجوة بين طبقتين تشتدّ مع الأيام والإستمرارية قساوة.

من البدائل الممكنة التدرّج في رفع الرسوم ما أمكن وذلك بتحديد وقت الذروة والضغط مع التوعية الإعلامية المكثّفة لخفض الإستهلاك خلاله مع التشجيع والتحفيز لإتباع سبل الترشيد وخفض الحصّة وإجمالي المنتج اذا لزم. التوعية المسبقة ومساندة المستهلكين خطوة رائدة يقوم بها الشركاء الحقيقيون. سنابل الإدّخار كما تنوّع مصادر الدخل ليست مقتصرة على طرف دون آخر ومن البديهي في العالم الإقتصادي المتقلّب أن تكون ثقافة التنوّع ملزمة وملحّة لكل الأطراف وليست مقتصرة على الأقوياء، ولا تكون ملجأ وقتي عند الضيق. كما لا يمكن قبول التعامل التجاري السريع في الخدمات بعد أن كانت ميسّرة وهذا مؤشّر على غياب الإستعدادات وعدم أخذ التحوّلات في الحسبان خلال إعداد الخطط.

في الأزمات من يسبق الآخر المنتج أم المستهلك؟