إني كنت من المبتدعين
سأورد لكم حكايتنا مع البدعة في حفلات الزواج كيف كان وما هو حالنا الآن..
الكلام هنا يخص صنف الرجال أما النساء بالصلاة على محمد موضوعهن مختلف.
تميزت أعراس الرجال بالسهل الممتنع يمكن للغني أن يتوسع كيف ما يشاء ويمكن للفقير أن يختصر دون إي إحراج كما يريد، حتى أن كثيراً من متوسطي الحال كانوا يميلون لما يميل له ميسوري الحال في حفلات زفافهم لذلك كانت الدعوة نوعان أما وجبة عشاء دسمة «مفاطيح» أو مرطبات يكتفى بالكيك والمرطبات دون أن يكون في ذلك أي حرج ويلقى مقبولية لذا غالبية المجتمع.
فجأة دخلت علينا البدعة من اوسع أبوابها تنخر في ذلك السهل الممتنع ليكون زواج الرجال على دفعتين الدفعة الأولى مع عقد القران الذي كان سابقاً في بيت العروس مع استكانة شاي وفنجان قهوة بالبن الاصيل، ليتحول اليوم إلى حفل قران في الحسينيات مع دعوات لكل الاحباب والاقارب ومع بوفيه مفتوح.
البوفيه لوحده حكاية، ابتدأ بالفطائر البسيطة ليتحول إلى ذبائح ومشاوي وجميع أنواع المأكولات والأسعار تتصاعد تباعاً مع التطور المريب في عالم البوفيه.
وأعترف انني كنت من هؤلاء المبتدعين في عقد ولدي الكبير وقد جرفني ذلك الإعصار دون إدراك.
هذه البدعة التي زادت من مصروفات وأعباء الزواج كما زادت من حرج الناس إذا لم يشاطروا احبابهم هذه المناسبة رغم انها ليست ليلة الدخلة وانما عقد قران فقط.
تحولت إلى ظاهرة ملزمة يقوم بها الكثيرون في عقود ابنائهم وحتى في عقود البنات
فما هو الحل؟
كانت لنا جلسة عائلية مع الإخوان في اسرتنا الصغيرة وكان الكل متذمر من هذه الظاهرة وأعلنا في محيط عائلتنا إلغاء هذه البدعة بقرار لا رجعة فيه وقد باشرناً فعلاً تطبيق هذا القرار واستفتحنا بأول عقد قبل ايام فكان عقداً جميلاً في منزل العروس بطابعه القديم الرائع مع حضور اخوال واعمام العريس وإخوانه كل حسب امكانياتهم وكان عقداً بمعنى الكلمة بعيداً عن كل تعقيد واسراف مبتدع، حضينا فيه بفرصة للتعرف على أهل العروس وتبادلنا الكثير من الحديث مع مدائح ولائية وصلوات محمديةً اضفت على المكان البركة وكان في مجلس منزلهم لا في مكان آخر.
هذه دعوة كريمة لكل الذين يتفقون مع هذا القرار وعانوا من تبعاته للعودة عن الإسراف والمبالغة ومراعاة أوضاع الناس المالية وكذلك مشاغلهم الاجتماعية والحرج في تلبية هذه الدعوة المبتدعة وتخفيف أعباء الزواج الذي يكفيه ما يكتنفه من مصروفات لاتعد ولا مفر منها.
كما نتطلع أن يعود حفل الزواج أيضاً لسابق عهده فكثير من ميسوري الحال كانت حفلات الكيك والمرطبات ممكنه لهم ومجبره لظروفهم ليحظوا بحفل زفاف جميل دون تكلفة مالية، حتى تحول هذا السهل الى بوفيه مفتوح بأسعار لا يمكنهم تحملها.
لذا فلتعود المرطبات القديمة وليخفف كل هذا العرض من المأكولات في حفلات الزواج وليكون الزواج بعيداً عن التعقيد يحمل صفته القديمة التي خففت على الشباب والآباء تكاليف لا تطاق.
اتوقع أن كل ذلك ممكناً عند الرجال كل ما يحتاجونه حملة توعية شاملة فهم اكثر من يشعر بهذه المعاناة وتبعات هذا الإسراف ويستطيعون التغيير بكل سهولة.
كنا ممن جرفهم التيار فانتبهنا وقررنا العودة للصواب كما كنا في افضل حالتنا السابقة وسنعود إليها بعد تجربتنا المرة.
نسأل الله أن ينبهنا دائماً من نومة الغافلين وأن نمتلك شجاعة التغيير نحو الأفضل.
اسأل الله العون والمغفرة.. فقد كنت من المبتدعين.