معراج لذة القرب الإلهي، ح/ 6
ما يبتغيه المؤمن من العبادة والدعاء؟! «ق/ 1» [1]
هنا قد يسأل سائل ويقول: إنَّنا قد علمنا أنّ الدعاء ”طلبًا ومطلوبًا، وسيلة وغاية، مقدمة ونتيجة.“ كما ذكر الشهيد مطهري - قدِّس سره - في ح/ 5،
ولكنّ الأهم هو: ما هي الغاية التي يبتغيها الداعي من دعائه، وما هي الطلبات التي يسعى ويروم تحقيقها من وراء العبادة والدعاء، ماذا يريد العبد المؤمن، وماذا يبتغي ويروم أن يحقق الله له من الغايات والطلبات؟! وهل طلب تحقيق الطلبات الدنيوية مرفوض وممنوع؟! وغير ذلك من الأسئلة! [2]
في هذا المجال دعونا نتأمل فيما أوصى به السيد الإمام وذكره، أولًا، وما ذكره ونبّه عليه الشهيد مطهري، ثانيًا.
السيد الإمام - قدِّس سره - في شرحه لدعاء السحر «دعاء البهاء» كانت وصيته للإنسان المؤمن هكذا: ”إيّاك أن تجعل الغاية لهذه الصفات الحسنى والأمثال العليا، التي بها تقوم السماوات والأرضون، وبنورها نُوّرَ العالمون، [إياك أن تجعل غايتك] الشهوات الدنية واللذات الداثرة البالية، والأغراض الحيوانية والكمالات البهيمية والسبعية.“ [3]
ثمّ يأتي على ذكر المطلوب؛ فيقول: "وعليك بطلب الكرامات الإلهية، والأنوار العقلية، والكمالات اللائقة بالإنسان بما هو إنسان، والجنات التي عرضها كعرض السماوات والأرض.
وهذا أيضاً في بدء السلوك والسير، وإلاّ؛ فحسنات الأبرار سيّئات المقرّبين. " [4]
ولهذا نراه يقول: ”إنّ عباداتنا جميعها هي من أجل أنفسنا، والصالح جدًّا هو الذي يعبد من أجل الجنة؛ فارفعوا الجنة من ثواب الأعمال ولا حظوا من الذي يبقى يعبد؟!“ [5] .
”إني أحكّمكم في هذا السؤال [هذا السؤال المهم قد طرحه السيد الإمام أيام شبابه] [6] ؛ الذي أطرحه، وأريد منكم الجواب عليه بإنصاف - بعد إعمال الفكر والتأمل -. والسؤال هو أنّه إذا أخبركم الرسول الأكرم - صلوات الله عليه وآله -، وهو الصادق المصدّق، إنكم إذا عبدتم الله طول عمركم، وأطعتم أوامره وتركتم شهوات النفس ورغباتها، أو تركتم عبادته وعملتم على خلاف توجيهاته، سبحانه وتعالى، وعلى أساس رغبات النفس وشهواتها طيلة حياتكم. وإذا أخبركم الرسول - ﷺ - بأنكم سيَّان في كلتا الحالتين - لن تختلف درجاتكم في الآخرة. إِنَّكُم على كل حال الناجون، وستذهبون الى الجنة وتأمنون من العذاب، فلا فرق - حسب الفرض بين ان تصلّوا أو تزنوا، ولكن مع ذلك يكون رضا الله تعالى في عبادته والثناء عليه وحمده، والابتعاد عن الشهوات والرغبات النفسانية في هذا العالم، مع عدم الإثابة على الطاعة! فهل كنتم تصبحون من أهل المعصية أو من أهل العبادة؟ هل كنتم تتركون الشهوات وتحرّمون على أنفسكم اللذات النفسانية من أجل رضا الله تعالى والرغبة فيه، أو لا؟ هل كنتم باقين من المتوسلين إليه تعالى بالمستحبات والجمعة والجماعات؟ أو كنتم تغرقون في الشهوات، وتلازمون اللهو واللعب والملاهي وغير ذلك؟ أجيبوا بإنصاف ودون تظاهر ورياء!“ [7]
السيد الإمام - قدِّس سره - قدّم السؤال، وطرحه أمامنا؛ ليجيب كل واحد منّا عليه، بعد إعمال الفكر والتأمل، كما قال، وبدوره هو، فقد أعلن مباشرة وصراحة، الجواب «عن نفسه وعمّن هو على شاكلته» - كما قال - مجيبًا - على ذلك السؤال المهم، فلنتأمل جوابه:
”إنّني أعلن عن نفسي وعمن هو على شاكلتي بأنّا نصبح من أهل المعصية ونترك الطاعات، ونعمل بالشهوات النفسانية!“ [8] .