آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 4:06 م

مختصون: الاعتذار ثقافة راقية تدل على وعي الشخصية ورقيها

جهات الإخبارية جمال الناصر، نورة الشيخ - القطيف

الاعتذار لغة وثقافة تُمثل فعلاً نبيلاً في مضمونها، يُجدد العلاقات باختلاف ألوانها ويُعززها ويُطورها ناحية الأفضل، هي ثقافة راقية لا يُجيدها الكثيرون بسبب عدة سلبيات تجتاج دواخلهم.

يُعرف الاعتذار بأنه تعبير عن الشعور بالندم أو الذنب - فعل أو قول تسبب في ألم أو إساءة لشخص آخر -، سعيًا بطلب العفو من الذي أصابه الأذى سواء أكان ماديًا أو معنويًا، ويُعد الاعتذار تقويمًا لسلوك سلبي يجعل من الفرد أن يكون شجاعًا اتجاه نفسه ومجتمعه حين يُخطئ أو يُسيء ليُؤذي غيره بقصد أو بدونه.

وأكدت شريفة أحمد على ضرورة تربية الأبناء والبنات في الأسرة على ثقافة الاعتذار، مُبينة أن هذه التربية تُقوم سلوكياتهم وتصيغ شخصياتهم في شكلها الأسمى.

وأشارت إلى أن غياب هذه الثقافة وممارستها واقعيًا، تكون مدعاة لحدوث المشاكل سواء في الأسرة أو في المجتمع.

وقالت: ”إن الشخصية التي لا تعتذر حين يتوجب عليها الاعتذار تُعاني من خلل في ذاتها وما تتبناه من ثقافة“، داعية إلى عيش حالة الاعتذار في السلوكيات والعلاقات مع الآخرين، مؤكدةً أن الاعتذار يُقوي العلاقة بالآخر ويبعث الإحترام في كل زواياها.

وذكرت معلمة رياض الأطفال وديعة حسان، بأنها حين تعد أطفالها بشيء ما وانتابها النسيان تُبادر بالاعتذار لهم سعيًا في توضيحه، مُشيرة إلى أنها تسعى لتثقيفهم عن الاعتذار ليكون في مكانه المُناسب ولا تجعلهم مع بعضهم البعض يُمارسون عشوائية الاعتذار في كل ما يحصل بينهم.

وبينت أن عشوائية الاعتذار تُقلل من شخصية الطفل ويجعل منه شخصية مهزوزة من الداخل فتكون مؤثرًا سلبيًا، داعيةً إلى عدم خلق حاجز بين الأباء وأطفالهم من خلال الاعتذار في كل المواقع، موضحة أن الاعتذار إذا ما كان في وقته ومكانه، سيجعل الطفل يكون مُتوازنًا في شخصيته ويتعلق بأبويه ومحيطه الاجتماعي أكثر.

وحذرت من كسر خاطر الطفل وقيمته من خلال الاستخدام السيء للاعتذار، وقالت: ”إن الهدف يكمن في أن يعرف الطفل الخطأ ويسعى لعدم الاستمرار فيه“.

وذكر الأخصائي النفسي حسين آل ناصر في حديثه مع «جهينة الإخبارية»، أن الاعتذار يأتي بتقديم حجة لتبرير فعل خاطئ ”اعتذر فلان إلى صديقه، أي طلب منه الصفح“، مُنوهًا إلى أن الاعتذار يُساهم في بناء أواصر المحبة ويعزز الشعور بالرضا للمعتذر أو للطرف الآخر، وعليه يشعر الآخر بأهميته ليُحافظ على العلاقات وقلة الأخطاء.

وبين بأنه لا يُعد اضطرابًا نفسيًا بحد ذاته، مُشددًا على أهمية تفعيل دور الأسرة والتعليم في بث ثقافة الاعتذار بكون دورهما تراكميًا، داعيًا إلى وجود النموذج - القدوة -، ”إن وجود النموذج مهم، حيث يتوجب على الأب والمعلم الاعتذار، ليقتدي بهم الآخرون“.

ونوه إلى أن أهمية الممارسة السلوكية للاعتذار، لا يُقصد منه النطق بالكلمة فقط، وإنما يُقصد بها ثقافة وسلوك، مُشيرًا إلى أن الطفل سيتدرب ويتشجع على الاعتذار عند الحاجة لذلك، واصفًا إياه - الاعتذار - بالنضج والمرونه، رافضًا توصيفه بالضعف في الشخصية المُعتذرة.

وأوضح أن الاعتذار يجب أن يُقدم عند الخطأ وليس بشكل مستمر، مُنوهًا إلى أن هناك مواقف لا يُحبذ فيها الاعتذار كحالة التعبير عن الرأي الشخصي أو عند طلب حقك من شخص انتزعه منك، مُبينًا أن لا يكون الاعتذار لأجل الاعتذار فقط من دون ذنب، مُوضحًا بأنه ثقافه لها آدابها وتحتاج إلى توجيهات وصقل.

وبينت الأخصائية النفسية والمستشارة الأسرية بدرية الحسيني، أن ثقافة الاعتذار خلق رفيع يصدر من شخص نبيل يسمو بنفسه إذا كان المُخطئ أو المُذنب لا يعترف لإنسان مثله بخطئه أو ذنبه إلا بصعوبة بالغة، فإنه يعترف أمام الله تعالى دون حرج، لأنه يقف أمام واهب الرحمة المحيط بالنفس وخفاياها.

وأكدت أن هذا الاعتراف يأتي مقدمة لصلاح النفس ثم صلاح السيرة العملية، ليُخفف من الهموم والضغوط النفسية ”وهذا مآل من يقتني هذه الثقافة“، موضحةً أن الشخصية التي تتمتع بثقافة الاعتراف بالخطأ والاعتذار منه ستحصد مما لا يدع مجالاً من الشك الآثار الإيجابية للاعتراف.

وأشارت إلى أنه يمكن تربية الطفل على ثقافة الاعتذار منذ مرحلة الطفولة المبكرة بتشجيعه عندما ُيخطئ بحق أخيه أو والديه أو صديقه وغيرهم من الأشخاص الذين يخالطهم، ليعتذر سعيًا في تصحيح الخطأ الذي اقترفه بحقهم بما يتناسب وعمر الطفل وإدراكه.

وتابعت: ومن جانب آخر يتحقق بتعاون كل من المدرسة والأسرة في استمرار التوجيه التربوي الخلقي للطفل والطالب، وملاحظته القدوة النموذج الأمثل في الاعتذار عن الخطأ سواء من المعلمين أو الإدارة المدرسية.

ودعت إلى القضاء على المغالطات الاجتماعية التي تعتبر الاعتذار ضعفًا في الشخصية، وتصحيحها إلى أن الاعتذار منذر ناصح يصدر من شخصية ناضجة واعية شجاعة ذو تربية سليمة.

وقالت: ”نعتذر عندما يصدر الخطأ أو الذنب المُلزم بالاعتذار عنه دون الحاجة للتعريف بنوعية الخطأ، وإذا كان الطرف ذو خلق كبير يأبى معرفة الخطأ حتى لا يهين المعتذر“.