آخر تحديث: 4 / 12 / 2024م - 10:12 م

العناية الإلهية وشمولها للزوجة القائمة بخدمة زوجها وبشؤون بيتها

عبد الغفور آل إبراهيم

لعله من المواضيع التي تحتاج الى تسليط الضوء عليها هو موضوع الترابط الاسري الذي نشهده الآن وقد بدء يضعف ويضعف وهذه تعتبر المشكلة المتفاقمة ولذا علينا ان نبيّن مخاطر هذه المسألة اجتماعياً، وانتم تعلمون ان الأسرة بما هي أسرة هي حالة فطرية فالإنسان يحب ان يستقر والعلاقة التي تكون بين الرجل وبين المرأة هي حاجة احدهم للآخر هذه العلاقة قننتها القوانين سواء القوانين السماوية أو القوانين الوضعية..

طبعاً القوانين السماوية حددت هذه المسائل بشكل خاص والشريعة المقدسة الاسلامية ايضاً اعطتها اهمية كبيرة جداً وجعلت هذا المجتمع الصغير المعبّر عنه بالأسرة جعلته مجتمعاً له أهمية بحيث تدخلت حتى في بداية تكوين هذه الاسرة ورغبّت الانسان اذا اراد ان يتزوج عليه ان يختار مجموعة صفات ولم تكن مسألة اللذة من هذه الصفات وانما في مقام بناء أسرة صالحة.. ويرغّب الشارع ان تكون هذه النواة طيبة «الاسرة»

وللأسف بدأت هناك حالة من التفكك الأسري في مجتمعاتنا والكل مسؤول أنا لا أريد ان أحمل المسؤولية لجهة ولكن اقول الكل مسؤول وأنتم تعرفون إذا الأسرة تفككت ماذا ستكون النتيجة..

الان نحن نعاني من هذا التفكك بحيث ان هذه المنظومة المهمة المقدسة اصبحت لا تسير في مسارها الصحيح فترى الأب ليس له علاقة بالولد والأم ليست لها علاقة بالبنت وبشؤون البيت وأصبحت هذه المنظومة تتفكك شيئاً فشيئاً.. طبعاً سيقول قائل ما هي الأسباب؟ قطعاً الأسباب كثيرة ولو دخلنا الأن في عمق هذه الأسباب لطال بنا الحديث، لكن أريد أن أنبه الى البعض من الأسباب:

لاحظوا الأب باعتباره عمود هذه الأسرة سأتحدث عن الأب الذي لم يمارس دوره أما الذي مارس دوره خارج اطار حديثنا..

الأب الذي لم يمارس دوره المناط به.. يخرج صباحاً ولا يعود إلا ليلا ً وعندما تسأل يقول أبحث عن رزقي واذا تأملت ترى ان بعض الرزق الذي عنده يكفيه فإذن هناك ذريعة يتذرع بها «البحث عن الرزق» لكي يحتج على من يحتج عليه بأنني احافظ على أسرتي وهو لا يدري أنه بهذه الطريقة ستتزعزع الاسرة.. يخرج صباحاً ولا يعود الا ليلاً بعض الرزق الذي عنده يكفيه والزيادة هذه ستدفعه ثمناً باهظاً.. هذا الأب الذي لم يمارس دوره

لم يتعب نفسه ويجلس مع أولاده جلسة على الغداء او العشاء حتى يجمع العائلة ويحاول ان يستفهم منهم ويحاول ان يفيدهم.. انتم تعلمون بصراحة بعض الناس بدأوا يحنون الى تلك الايام الخوالي عندما كان يجمعهم الاب او الجد في جلسة قد لا تستغرق نصف ساعة لكن فيها من الشيء الكثير.. اصبحت هذه الحالة مفقودة في البيت فبدأ الولد يكبر لا يحترم الجار ولا يحترم الكبير ولا يدري ماذا يفعل! هذا الأب يرى ولده أمامه يتصرف بتصرفات هو لا يقبلها من الآخرين لكن يقبلها من ابنه لأنه لم يفكر أن ابنه هو مشروع له والأبن لابد ان يكون مشروع الاب بمقدار ما يستطيع ان يوجه هذا الاب.. هو لم يجلس معه ولا يعلم بأي صف دراسي حتى..

والأم العمود الثاني في البيت أتكلم عن الام التي لم تمارس دورها اما الأم التي تمارس دورها فهي خارج كلامنا أما اللواتي يمارسن دورهن وجزاهن الله تعالى خير الجزاء.. انا اتحدث عن الام التي لا تمارس دورها تجدها غير مكترثة أصلا ً وإنما تفكر بفضول المعيشة وتتحدث عن ملهيات وتترك البيت جعلت حبلها على غاربها فمن أين تجتمع الأسرة اذا كان الأب هكذا يفكر والأم هكذا تفكّر..

الآن جاءت الوسائل الحديثة وانما اقول سوء الاستخدام... جاءت الوسائل الحديثة فككت ما بقي وقطعت اوصال الاسرة تجد هذا صديقه الانترنت والموبايل واصبح هذا الولد المسكين متوحش لا يعرف المجتمع ولا يملك أصدقاء جيدين وإنما أتعب ذهنه حول هذه الاجهزة.. لا توجد نصيحة من الأبوين كيف يستخدم هذا الشيء الحسن استخدام جيد وتقطعت أوصال الأسرة وجاء الاب وايضاً دخل في هذه المعمعة وجاءت الام واصبحت الاسرة عبارة عن فندق مؤقت يبات فيه هؤلاء وفي الصباح كل يذهب الى عمله..

التداعيات الخطيرة لهذا البناء الاسري.. حالة هدم الاسرة مسؤولية الجميع..

أنا أدعو الجميع وأنا نفسي فلنسارع للملمة الأسرة.. ايها الاب ارجوك اعط من وقتك شيء لتوجيه هذه الأسرة عندما نرجع الى الاسرة والاسرة هي المنشأ.. اذا تفككت الأسرة لا يمكن للمجتمع أن يصلح إنما يصلح من خلال الاسرة الأب الأم أنتما مسؤولان مسؤولية مباشرة عن تكوين هذه الأسرة وعن تربية هؤلاء الأبناء تربية صالحة.

إذا فالمرأة المؤمنة التي تسعى لتحقيق أسرة متعاونة مترابطة بالمحبة والمودة والرحمة تنظر للعناية الإلهية والنظرة الرحمانية التي تحظى بها الزوجة العاملة بشؤون زوجها وتربية أولادها وهذا ليس مختص فحسب ببني البشر لا حتى الطيور والحيوانات التي من شأنها التزاوج الأنثى لها دورها الأكبر. إذا فكيف بمن كرمهم الله وشرفهم بعنايته

ولقد «كرمنا بني آدم». كما أن هذه المهمة الشريفة للزوجة ليست مختصه بنا كمسلمين بل جميع الديانات الأخرى من الأنبياء والمرسلين وحتى خاتمهم النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وكذا سيرة الصحابة الكرام والتابعين والعلماء المتتبع لسيرتهم حتما تتشرف كل زوجة صالحة أن تكون ممن تقتدي بهن فعليه سأتعرض لبعض الروايات وكان بودي أن أتحدث.

أولا: وصية امرأة في الجاهلية «إمامة بنت الحارث» لبنتها المقبلة على الزواج بعشر وصايا

ثانيا: تفاني رحمة زوجة نبي الله أيوب بأعز ما تملك لخدمة زوجها.

ثالثا: وصايا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله لبنته فاطمة الزهراء .

رابعا: - خلاصة دعوة الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه لرسول الله صل الله عليه وآله.

ولكن سوف اختصر الموضوع على الروايات الواردة في أجر وثواب عمل الزوجة في خدمة زوجها وبيتها وهي متنوعة ولكن يمكننا على العجالة ان نضع بين أيديكم بعض الروايات:

عن أبي المفضل، بإسناده عن أبي عبد الله ، قال سألت أم سلمة رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن فضل النساء في خدمة أزواجهن، فقال «صلى الله عليه وآله»:

«ما من امرأة رفعت من بيت زوجها شيئا من موضع إلى موضع تريد به صلاحا إلا نظر الله إليها، ومن نظر الله إليه لم يعذبه» فقالت أم سلمة «رضي الله عنها» زدني في النساء المساكين من الثواب بأبي أنت وأمي. فقال: «صلى الله عليه وآله» ”يا أم سلمة، إن المرأة إذا حملت كان لها من الأجر كمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله «عز وجل»، فإذا وضعت قيل لها قد غفر لك ذنبك فاستأنفي العمل، فإذا أرضعت فلها بكل رضعة تحرير رقبة من ولد إسماعيل“.

ورد: «إن جهاد الزوجة هو حسن التبعل» ومن حسن التبعل: خدمة الزوج، ورعاية الأبناء، والصبر على ذلك.. وعلى الزوج أن يكون رفيقا ورؤوفا بزوجته، ويساعدها ببعض الأمور، التي تهون عليها وتعطيها الوقت الكافي للعبادة والتوجه.

وعندنا أمير المؤمنين والزهراء - «سلام الله عليهما» مثلا وقدوة.. ففي رواية: دخل رسول الله يوما إلى بيت فاطمة، فوجد عليا ينقي العدس، فقال له رسول الله ﷺ: إن عملك هذا أجره عظيم عند الله.. وذكر له الكثير من الفضل.

ورد عن الامام الصادق أنه قال: أيما امرأة خدمت زوجها سبعة أيام أغلق الله عنها سبعة أبواب النار... وفتح لها ثمانية أبواب الجنة تدخل من أيها شاءت"

ورد عنه أنه قال: ”ما من امرأة تسقي زوجها شربة ماء إلا كان خيرا لها من عبادة سنة“

ورد في وصايا الرسول «صلى الله عليه واله» لأبنته السيدة فاطمة الزهراء :

يا 'فاطمة'! ما من امرأة طحنت بيديها إلا كتب الله لها بكل حبة حسنة ومحا عنها بكل حبة سيئة.

يا 'فاطمة'! ما من امرأة عرقت عند خبزها، إلا جعل الله بينها وبين جهنم سبعة خنادق من الرحمة.

يا 'فاطمة'! ما من امرأة غسلت قدرها، إلا وغسلها الله من الذنوب والخطايا.

يا 'فاطمة'! ما من امرأة نسجت ثوباً، إلا كتب الله لها بكل خيط واحد مائة حسنة، ومحا عنها مائة سيئة.

يا 'فاطمة'! ما من امرأة غزلت لتشتري لأولادها أو عيالها، إلا كتب الله لها ثواب من أطعم ألف جائع وأكسى ألف عريان.

يا 'فاطمة'! أفضل من ذلك كله رضا الله ورضا الزوج زوجته.

يا 'فاطمة'! والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً لو متِ، وزوجك غير راضٍ عنكِ ما صليت عليكِ.

يا 'فاطمة'! أما علمت أن رضا الزوج من رضا الله، وسخط الزوج من سخط الله؟

يا 'فاطمة'! طوبى لامرأة رضي عنها زوجها، ولو ساعة من النهار.

يا 'فاطمة'! ما من امرأة رضي عنها زوجها يوماً وليلة، إلا كان لها عند الله أفضل من عبادة سنة واحدة صيامها وقيامها.

يا 'فاطمة'! ما من امرأة رضي عنها زوجها ساعة من النهار، إلا كتب الله لها بكل شعرة في جسمها حسنة، ومحا عنها بكل شعرة سيئة.

يا 'فاطمة'! إن أفضل عبادة المرأة في شدة الظلمة أن تلتزم بيتها.

يا 'فاطمة'! جلسة بين يدي الزوج أفضل من عبادة سنة، وأفضل من طواف.

بربكم أليس هذا جهداً يثمّن من قبل هذه الأُسر الكريمة؟! انا اتكلم مع هؤلاء هم اخواتي وبناتي هذه الاسر الكريمة التي تماسكت وربّت وانتجت هذه اُسر تعرف الحرمات تعرف الشارع له حرمة تعرف الجار له حرمة وتعرف الاخ كيف يحنو على اخيه هذه اُسر تربت تربية حسنة.. هناك اسر كريمة وواعية ومربية وهذا مؤشر حسن لكن عندما نسمع بعض من هنا وهناك نتألم.. هذا لبلدنا بلد الشيم بلد الاخلاق بلد الكرامة بلد الإيمان.

التفكك الاسري مدعاة للقلق والكل مسؤول وهذا الموضوع يمثل تصدع في جدار المجتمع. ولكي لا يتصدع جدار المجتمع لابد لكل الأسر أن تتحمل المسؤولية اجتماعيا عرفيا دينيا لابد أن تتماسك وتنظم أمورها وتنصح ابناءها.

نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعل هذا البلد بلداً آمناً وان يحفظ أسرنا الكريمة.. سائلين الله تعالى أن يتلطف علينا وعليكم بالرحمة والرضوان ويغفر لنا ولكم والحمد لله رب العالمين.