الشيخ الصفار يكتب عن المرجع الفياض
”الشيخ الفياض عمق الفقاهة وسمو الأخلاق“ بهذه الكلمات المختصرة يرسم الشيخ حسن الصفار صورة تعرّف بالمرجع الشيخ إسحاق الفياض الفقيه العصامي، الذي ولد سنة 1930م لعائلة فقيرة تمتهن الفلاحة في إحدى قرى محافظة «غزني»، وسط أفغانستان، جنوب العاصمة كابل.
وبدأ رحلة العلم والمعرفة في منتصف العقد الأول من عمره، حتى منتصف العقد الثاني من عمره، حيث غادر إلى مدينة مشهد في إيران، ثم عزم على الهجرة إلى النجف الأشرف، وهو في الثامنة عشرة من عمره، وقطع مراحل الدراسة العلمية الحوزوية بجدٍّ وإتقان، حتى أصبح من أبرز الفقهاء المراجع في النجف الأشرف.
يؤكد الشيخ الصفار أن الأمة تواجه تحديات، أهمها تحدي التوفيق بين الاصالة والانفتاح.
ويضيف: ”ذلك أن التخلف العميق الذي تعيشه الأمة في مختلف مجالات الحياة، يقابله تقدّم باهر أنجزته الحضارة الغربية“.
هذا التقابل ”أدّى إلى وجود تيارين في أوساط أبناء الأمة، تيار يتبنى الانفتاح بلا حدود على الحضارة الغربية، دون أيّ تحفّظ على ما تحمله من قيم وثقافات، وما تمارسه مجتمعاتها من تقاليد وسلوكيات“.
أما التيار الآخر ”فيدعو إلى الانغلاق على الذات، والقطيعة الكاملة مع الغرب، برفض جميع منتجاته دون تصنيف أو تمييز“.
ويبين الشيخ الصفار أن ”الصراع بين هذين التيارين كلّف الأمة باهظ الأثمان والخسائر، وأضعف تماسك مجتمعاتها واستقرار أوطانها“.
والتيار الثالث هو تيار وسطي متوازن، ”يجمع بين الأصالة في الانطلاق من قيم الدين، ومبادئه الثابتة، وبين الانفتاح على تطورات العصر ومستجدات الحياة، ويستفيد من تجارب المجتمعات المتقدمة، بدراستها والانتقاء منها“.
ومن هؤلاء الفقهاء العظام ”المرجع الديني الكبير آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفيّاض دام ظلّه“.
يقرر الشيخ الصفار أن فقه الشيخ الفيّاض ”يمثل أنموذجًا رائعًا للتوفيق بين الأصالة والانفتاح، فالممارسة الفقهية لدى الشيخ الفيّاض محكومة بالضوابط المقررة، وفي إطارها العلمي الدقيق، وبأدوات الصناعة المتداولة في البحث الأصولي والفقهي، لكنها ممارسة اجتهادية بامتياز“ الشيخ الفياض عمق الفقاهة وسمو الأخلاق
مؤكدًا أن الشيخ الفيّاض "يبذل قصارى جهده للتعامل مع الأدلة، بانفتاح كامل، دون رهبة أو تقيّد بفهم السابقين، وإلى جانب تفحّص الدليل، يجتهد الشيخ الفيّاض في مقاربة موضوع البحث، للوصول إلى التشخيص الواقعي للموضوعات في واقعها المعاصر، وصورتها الحاضرة، لأن المستجدات والمتغيرات في الموضوع تؤثر في تحديد الموقف منه، وتطبيق العنوان عليه
ويمثل لذلك برؤية الشيخ الفياض لموقع المرأة في النظام السياسي الاسلامي، وكذلك رؤيته لموضوع الانتماء للإسلام والتعايش المذهبي، بالإضافة إلى تأكيده ”دام ظله“ لأهمية حفظ النظام العام، ورعاية القوانين، وانفتاحه على واقع القضايا الفكرية والاجتماعية.
عن تجربة قريبة يتحدث الشيخ الصفار عن سمو اخلاق المرجع الفياض.
فحين تعرف عليه أدهشه ”عظيم تواضعه وسموّ أخلاقه، حيث تعلو محيّاه البشاشة، وتتخلل حديثه الابتسامة، ويتعامل مع زائريه وتلامذته بعفوية وبساطة، تجعلك منطلقًا في الحديث معه والانفتاح عليه دون تهيّب أو قلق“.
موضحا أنه "لا يُشعر جليسه مهما كان مستواه بالتعالي، ولا يقابل أحدًا بغضب أو انفعال، مهما كانت درجة سخونة موضوع النقاش، يُعبّر عن رأيه بهدوء واحترام، ويُصغي للرأي الآخر، فيقبله إن رآه صحيحًا، ويناقشه إنْ رأى فيه خللًا بموضوعية وحكمة.
رغم صغر حجم كتاب «الشيخ الفياض.. عمق الفقاهة وسمو الاخلاق - اطياف للنشر والتوزيع 2017م، 54 صفحة» إلا أنه كتاب ممتع يطوف بك بين سيرة الشيخ الفياض ونماذج من فقاهته وسمو اخلاقه برشاقة محببة.