الشيخ الصفار: حرية الرأي حق مقدس ويجب التفريق بينها وبين الإساءة للآخرين
رفض الشيخ حسن الصفار تحميل أي دين أو مذهب أو جماعة مسؤولية رأي صادر من احد أفرادها، مشيراً إلى اننا كما نرفض اتهام وتعميم الغرب لكافة المسلمين مسؤولية عمل بعض الجماعات الإرهابية، يجب رفض مثل هذا التعميم على المذاهب والجماعات.
كلام الشيخ الصفار جاء خلال الندوة الأسبوعية التي يقيمها في مجلسه الأسبوعي مساء يوم الجمعة وجاءت تحت عنوان: ”حرية الرأي بين النقد والتجريح“.
وقال الشيخ الصفار إن حرية الرأي مطلب وشعار يطرحه الجميع، لكن في المقابل نرى أن المجتمع لا يتقبل طرح رأي آخر يخالف ما هو سائد، أو يخالف ما يعتقده هذا الشخص أو ذاك، بل نرى غالباً مواقف سلبية تجاه أصحاب الرأي.
ولفت إلى أن هناك حالة ازدواجية بين ما يقوله البعض وبين ما يطبقونه، وهذا ما نراه في مجتمعاتنا بالمطالبة بحرية الرأي وفي نفس الوقت لا يتحملون الرأي الآخر، وهذا يكشف الخلل في الإيمان بحرية الرأي، ويكشف وجود مشكلة أخلاقية، وهي الازدواجية في الممارسة والتطبيق.
وأضاف أنه إذا كنا مقتنعين بحرية الرأي كما كان الأنبياء والأئمة، الذين كانوا يبشرون بالإيمان بالله وبالعودة إلى توحيد الله، ولكنهم في الوقت ذاته يسمعون آراء الكفار والمشركين ويناقشونهم ويردون عليهم.
وأشار الشيخ الصفار لمشكلة الشخصنة في التعامل، لافتاً النظر إلى أن البعض يركز على شخص مطلق الفكرة، ومنها يحدد موقفه منه أما سلباً أو إيجاباً.
وطالب بالتعامل مع الفكرة كفكرة بعيداً عن من صدرت منه.
وأسف لمشكلة تفسير الآراء، والقول بأن مطلقيها هم إما مدعومون من قبل هذا الطرف أو ذاك أو لهم غرض ومصلحة، وهذا راجع إلى الجو العام يعيش على أحادية الرأي ويعتقد أن من يطرح رأياً يخالف السائد فهو إما مدعوم أو مطلوب منه ذلك، وليس من بنات أفكاره وعقله.
وأضاف ”أن محاسبة نيّات الآخرين من الأمور السلبية التي تواجه مطلقي الأفكار والآراء، فلا يحق لأحد أن يحاسب الناس على نياتهم التي هو يقررها لهم“.
وتطرق إلى الفرق بين حرية الرأي وحرية التعبير، مشيراً إلى أن حرية الرأي هي أن الإنسان يعمل عقله فيتوصل إلى الاقتناع برأي معين. وهذا حق للإنسان بل يجب عليه أن يكوّن الرأي ولا يكون إمّعة أو تبعاً للآخرين.
وأشار إلى أن الجهر بالفكرة والتعبير عن الرأي يعود للشخص وللظروف التي تحيط به.
وأكد أن الضابط الأساس في حرية الرأي هي عدم التعدي والإساءة للآخرين «حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين».
وأشار إلى أن البعض لا يفرّقون بين الأمرين، فيقوم بشتيمة الآخرين ومن ثم يبرر ذلك بأن هذا حرية رأي، وفي الواقع هذا يسمى تجريحًا وإساءةً وعدوانًا على الآخرين.
وأكد الشيخ الصفار على الحاجة للتفكيك بين الرأي وبين صاحب الرأي، وهذا ما يؤكد عليه الدين أيضاً، الذي يشير إلى أن الاختلاف في الآراء لا يبرر العدوان أو الخصومة.
ومضى يقول: إننا لا نقول بعدم الردّ على من يطرح آراءه ومواقفه، خصوصاً إذا كانت في مواقف تخص الناس وترتبط بقضاياهم الدينية والدنيوية المهمة، ”لكن ما نخالفه هو تجريح صاحب الرأي أو اتهامه في نياته أو الإساءة له دون تمحيص لفكرته“.
وتطرّق لمسألة تعامل البعض مع بعض الآراء بأنها بدعة، مشيراً أن الموقف من البدعة يجب أن يكون كما قال النبي: «إِذَا ظَهَرَتِ الْبِدَع فَعَلَى الْعَالِمِ أَنْ يُظْهِرَ عَلِمَهُ». وهذا ما يجب أن يكون فرصة لتبيين الخلل في تلك الفكرة بالردّ العلمي عليها.
وأضاف أن الموضوع ”هو سوء تنافس يُعطى صبغة دينية“.