لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا!
ما أن سمع لسانه العربي حتى تعلق بأطراف ملابسه يرجوه أن يقف بجانبه في هذاالبلد الأجنبي سأله: هل أنت سعودي مثلي أجابه: نعم، فطلب أن يقرضه شيئا من المال، الجميع رفض مساعدته لكنه شعر بشيء ما يدفعه لمساعدته في ظل ظروفه الغامضة وأقرضه مبلغا لابأس به، من جهته أخذ على نفسه المواثيق والعهود بإرجاعه في حال عودته. انتظر صاحبنا عودة أمواله وخاصة بعد أن زوده بمعلوماته الشخصية ورقم هاتفه ومرّ عام يتلوه عام ولم يسترجع ماله وفِي إحدى الأيام وبينما صاحبنا يقطع طريقه صادفه ذلك المسافر ولوّح له بيديه فعرفه وتذكرا سويا قصة القرض اعتذر له لأنه فقد الاتصال به وأضاع جميع معلوماته الشخصية واتجه به من فوره لأقرب صراف وأعطاه ماله كاملا وشكره بحب قائلا: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا لولا وجودك أخي الكريم ولن أنسى صنيعك معي ماحييت.
لازال عند البعض بريق الوفاء الذي يشع من عينيه، ولازالت دنيا المسلمين تنبض بالحب والنجدة وإغاثة المحتاج، وإذا مدحنا أحدا اتصف بالوفاء فأننا نمدح الصدق والصادقين قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَصَادِقَ الْوَعْدِ﴾.
إن جميع المواقف الحياتية تحتاج للوفاء وللكلمة الصادقة. فإذا وعدت صديقك لاتعتذر بعدم مقدرتك على إبرام العهد، وليكن لطفلك نصيبه الأوفى من الوعود التي قطعتها على نفسك بإنجازها. ولاتنسَ وعودك الذاتية بتغيير أوضاعك السلبية، وعاداتك الخاطئة، وانفعالاتك السريعة، وتكرار المواقف غير المدروسة.
ويتأكد الوفاء بالعهد وقت المحن والمصائب التي تمر بالإنسان فتفرضه فرضا لأنه في أمس الحاجة إليه حيث يقف بجانبه من وعده الحب والمواساة في أيامه المنكوبة.
كم نحن بحاجة للوفاء الصادق والحب المورق أغصانا قوية؛ حتى ننعم براحة البال والاطمئنان، ونعطي أنفُسنا قسطا من الرضا عن الذات وهالة من الإيمان لأننا صدَّقنا وعودنا ﴿مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ..﴾
هل لنا أن نقول مجددا كما قيل منذ عهود قديمة: «تحت خيمة العربي يُحترم الوعد المقطوع»؟!