آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 9:31 م

تحرير الديني الدولة المدنية طريقا

حسن آل جميعان *

بدأ الكاتب والمفكر محمد المحفوظ كتابه الصادر عن مؤسسة الانتشار العربي الطبعة الأولى 2010م المعنون بـ «تحرير الديني الدولة المدنية طريقا» بقوله: بعد عقود طويلة رفعت خلالها النخب السياسية السائدة في الوطن العربي الكثير من الشعارات واليافطات الكبرى التي أوصلتنا إلى نتائج مخزية وإخفاقات وخيمة. فكل الشعارات واليافطات الكبرى جعلت الوقائع المضادة هي الواقع الشاخص والقائم. فبدل الحرية ازدادت الديكتاتورية وأشكال الاستبداد في الفضاء العربي. وبدل الوحدة بكل مستوياتها ازددنا تشظيا وانقساما.

بدأ الكاتب والمفكر محمد المحفوظ كتابه الصادر عن مؤسسة الانتشار العربي الطبعة الأولى 2010م المعنون ب " تحرير الديني الدولة المدنية طريقا " بقوله: بعد عقود طويلة رفعت خلالها النخب السياسية السائدة في الوطن العربي الكثير من الشعارات واليافطات الكبرى التي أوصلتنا إلى نتائج مخزية وإخفاقات وخيمة. فكل الشعارات واليافطات الكبرى جعلت الوقائع المضادة هي الواقع الشاخص والقائم. فبدل الحرية ازدادت الديكتاتورية وأشكال الاستبداد في الفضاء العربي. وبدل الوحدة بكل مستوياتها ازددنا تشظيا وانقساما. وبدل العدالة تضخمت مستويات الظلم وغياب المساواة في المجتمعات العربية.

ويشير الكاتب إلى أن الدرس الهام الذي نستفيده من هذه التجارب السياسية الطويلة هو أن الاستبداد السياسي وغياب الحريات العامة والانتهاك المتواصل لحقوق الإنسان كل هذه الوقائع لا تقود إلا إلى الخراب والفساد والفشل. «وهذه الأسباب كما أعتقد هي التي فجرت ثورات الربيع العربي الذي جاء نتيجة تراكم الاستبداد والفساد مما أدى إلى إرهاق الأمة العربية وتدهور الوضع أو الواقع بكل أشكاله السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والثقافية أيضا».

ويوضح الكاتب إلى أن المشكلة الحقيقة التي تواجهنا في المجال الإسلامي عكس المشكلة التي واجهت الغرب في التجربة التاريخية. فالمشكلة الغربية كانت في جوهرها تغول المؤسسة الدينية - الكهنوتية على كل شيء. أما نحن في المجال الإسلامي فلم تتغول المؤسسة الدينية في حياتنا المعاصرة وإنما الذي تغول هو السياسي بمؤسسته الكبرى «الدولة» بحيث التهمت كل شيء في حياة العرب والمسلمين. فالمجال الإسلامي بكل عناوينه يعاني الأمرين من دولة تسلطية قمعية لا هم لها إلا استمرارها حتى لو كان هذا الاستمرار على حساب التاريخ والعصر والوطن.

ويقول الكاتب يمكننا أن نقرر أن مصدر السيادة في السلطة الإسلامية أمران:

1 - سيادة التشريع عقائد وفضائل ومقاصد.

2 - سيادة الشعب لتوقف مشروعية القيادة والولاية العامة على من يلتزم بشرائع الإسلام وقيمه ومبادئه وتأييد الشعب له.

ويلفت الكاتب النظر إلى جانب مهم وهو التقدم الإنساني حيث يفرض علينا كما يقول الكاتب أن نطور الكيفية التي نذير من خلالها أنفسنا ومجتمعنا. والانتقال من الطريقة الأولية في الإدارة التي تعتمد على الفرد في كل شيء إلى طريقة عمل المؤسسة بحيث تمتزج الآراء وتتكاتف الجهود وتصقل المواهب ويتأكد التعاون وتخلد قضايانا بخلود المؤسسة ولكن السؤال الذي يطرحه الكاتب هو:

كيف نحول السلطة من حالة فردية إلى واقع مؤسساتي؟

ويؤكد الكاتب إلى أن الحرية في الإسلام ليست مفهوما سياسيا وإنما هي جزء من المنظومة القيمية الإسلامية وتشمل جميع أبعاد وحقوق الحياة البشرية الفردية والجمعية معا.. ولهذا فإن الحرية الإسلامية مفهوم إنساني وسياسي واجتماعي واقتصادي شامل بحيث أن قيم الحرية وأشكالها ينبغي أن تتحقق في كل الحقول وعلى مختلف المستويات والصعد.

ويشير الكاتب إلى مفهوم مضمون المجتمع المدني حيث يقول: إن المجتمع المدني - الأهلي ليس بديلا من الدولة العادلة التي تأخذ على عاتقها مسؤولية البناء والتنمية. وإنما هو مكمل للدولة في الوظائف والمسؤوليات.

ويقول أيضا: المجتمع المدني - الأهلي هو تعبير عن مساهمة الأمة بمختلف شرائحها وفئاتها في الشأن العام وفي المقابل حتى لا تطغى إرادة الدولة وتتحول إلى كيان مستبد يلتهم الجميع ويسعى نحو إذابة كل التعبيرات الذاتية للأمة.

فالمضمون الجوهري لمفهوم المجتمع المدني - الأهلي كما يعبر الكاتب هو شعور عميق ومتواصل بذاتية المجتمع وقدرته على تنظيم نفسه وممارسته للحريات وحماية ذاته من كل النزعات التسلطية وعوامل التهميش والإقصاء والنفي سواء جاءت من الداخل أم من الخارج.

وفي الختام يشير الكاتب إلى إن إشاعة الديمقراطية وثقافة الحرية في الوسط الاجتماعي وتأسيس تقاليد التحولات السلمية السياسية والاجتماعية كلها تعتبر من الأمور الأساسية المفضية إلى التفاعل وتكامل بين الدولة والمجتمع في المجالين العربي والإسلامي.

ويقول أيضا إن العلاقة بين الأمة والدولة لا يمكن أن تأخذ شكلها الحضاري إلا بتحول ديمقراطي - سلمي يأخذ على عاتقه تصحيح العلاقة وإزالة كل أسباب الجفاء وموجبات التوتر بين الطرفين.

فالتحول الديمقراطي - السلمي هو وسيلة الواقع العربي والإسلامي للوصول إلى الصيغة الحضارية للعلاقة بين الدولة والأمة.