آخر تحديث: 4 / 12 / 2024م - 10:33 م

الحياة ليست كما نشاء..

حسن آل جميعان *

نحلم بأن يكون كل شيء في صالحنا وأن الأمور والأحوال تصب في فائدتنا ومصلحتنا، لكن هذا لا يتحقق في أغلب الأوقات.. لأن الحياة ليست كما نشاء..

***********

نرغب أن نكون الأفضل في كل شيء، وأن نكون الرقم واحد في حياتنا كلها، وأن الطريق معبد بالورود رغم ذلك فإن الحياة ليست كما نشاء..

**********

نريد أن يتحول العالم إلى أشباهنا في كل شيء، في الملبس والمشرب والتفكير والهوية والعقيدة وكل شيء، وإذا لم يتجاوب معنا مارسنا ضده الترهيب والتخويف والإقصاء، وعلى هذا فالحياة ليست كما نشاء..

**********

نعتقد أن العالم نحن، والزمان نحن، والتاريخ نحن، والعلم والعلماء نحن، وكل شيء في هذه الحياة لنا نحن، ومن أجلنا نحن، ومن أجل ذلك فإن الحياة ليست كما نشاء..

**********

نحلل كل شيء وفق أهوائنا، ونخضع الأمور والمتغيرات إلى المؤامرة ضدنا، وكل هم الآخرين ورغبتهم في ممارسة المكائد لنا وإضعافنا وكأننا القوة العظمى في هذا العالم، وللأسف أقول الحياة ليست كما نشاء..

**********

نرفض العلم ونحاربه ونسعى وراء الخرافة والأساطير، ومن يفكر خارج المألوف عليه اللعنة والغضب إلى يوم الدين، ومن يشتغل بالفكر وإعمال العقل لابد من التحذير منه لأنه شر مطلق وشيطان رجيم لذلك أفضل طريقة للمحافظة على التخلف محاربته في كل شؤون حياته، رغم ذلك فالحياة ليست كما نشاء..

**********

نجعل من كل شيء ولو كان تافها محل جدل ونقاش طويل لا ينتهي إلا باحترابنا وتمزقنا وموت الجميع لأن أصل المشكل هو وجود الإنسان في تفكيرنا المتصلب المتجه ناحية الهلاك، والاختلاف والقبول بتعدد الآراء واحترام بعضنا البعض لا وجود له في ثقافتنا لأننا لازلنا نعتقد أن الاختلاف والقبول بالآخر يمزقنا ويفرقنا ويشتتنا، كل شيء مقلوب في ثقافتنا، وعليه فالحياة ليست كما نشاء..

**********

نصدق كل كذبة وكل شائعة وكل كلمة لم يتفوه بها صاحبها، لأننا لا نحكم العقل الذي به نثاب وبه نعاقب، وحكمنا وجعلنا مواقفنا المسبقة هي الحكم في علاقتنا مع بعضنا البعض، نحن لا نسامح إلا في حالة واحدة وهي أن لا نسامح أبدا حتى لو مات الإنسان وأكله التراب وهو في قبره منشغل بالحساب مع خالقه رغم ذلك نحن لا نتجاوز عنه ويبقى شغلنا الشاغل لأننا أمة مشغولة بالتاريخ والنيل من بعضنا، وتبقى الحياة ليست كما نشاء..

**********

نعلم أن الحياة مليئة بالحب، لكن في بيئتنا المبنية على قاعدة التخلف والكراهية أصبح بدل ذلك الحب والاحترام ثقافة بغيضة وكريهة وهي ثقافة الحقد والبغضاء والنيل من بعضنا بسبب أو من دون سبب فقط لأننا ألفنا التباعد والتناحر وجعلنا ثقافة الكراهية هي الحاكمة والمسيطرة علينا، وبعد كل هذا فالحياة ليست كما نشاء..

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
Fathia Q
[ صفوى ]: 14 / 7 / 2014م - 10:31 م
الحياة ليست كما نشاء
ويتحكم بها مدبر هو الله سبحانة
نريد ونريد ونريد والله يفعل مايريد
شكرا لك استاذ حسن مقال رائع ويبث القناعة في نفس القارئ