آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 2:11 م

هذه سنة الله في خلقه

جمال حسن المطوع

هناك لفيف من الإخوة الأفاضل الذين لهم في وجداننا مكانة ومحبة لا يمحوها الزمن، منعتهم أحوالهم الصحية والمرضية من المشاركة في فعالياتنا المتجددة، وظروفهم هذه الخارجة عن الإرادة، كانت سببًا في عدم حضورهم مناسباتنا بأفراحها وأتراحها، وهم بذلك يتركون فراغًا بغيابهم عن ناظرينا ونفقدهم مددًا طويلة، وعندما نسأل عنهم للاطمئنان عليهم يقال لنا إن بعضهم طريح الفراش لمرضًا عضالًا أو مزمن أصابهم، فأصبحوا غير قادرين على القيام بالواجبات الاجتماعية، ومنهم كبار السن الذين لا يَقوَون على ممارسة دورهم الحيوي في المجتمع، حيث كانوا جميعًا شعلة من النشاط والمثابرة.

في تتبّع ومشاركة الأنشطة الدينية وأحداث أخرى كحفلات الزواج أو مجالس العزاء أو زيارات المرضى وشؤون أخرى، تتعلق بحياتهم الخاصة والعامة وتبعاتها، وهذا ما يحزن في الخاطر لأنهم يشكلون وزنًا وثقلًا لا يستهان به، ولكنها إرادة الله سبحانه في خلقه، كما قال جل شأنه: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ [الروم: الآية 54].

هكذا هي دورة حياة الإنسان الطبيعية، وكما قيل: «سبحان مغير الأحوال من حال إلى حال».

فما هو واجبنا الديني والأخلاقي والإنساني اتجاه هذه الشرائح التي تعيش تحت اللطف الإلهي، ولا حول لها ولا قوة، وكيفية التعامل معها بما يناسب وضعها وحالتها…

من وجهة نظري المتواضعة، يتلخص ذلك في بعض النقاط المهمة والحساسة التي تؤخذ في الاعتبار لمن شاء، وهي كالتالي:

أولًا: التماس العذر لهم وعدم معاتبتهم بأي حال من الأحوال.

ثانيًا: زيارتهم بين آن وآخر إذا كانت ظروفهم الصحية والأسرية تسمح بذلك.

ثالثًا: عدم الإلحاح أو الإحراج لعوائلهم في متابعة شؤونهم الصحية والمرضية؛ مما يشكل لهم معاناة نفسية وتذكيرًا لهم بواقعهم المؤلم.

وأخيرًا وليس آخرًا، الإكثار من الدعاء لهم، والرجاء من الله العلي القدير أن يشملهم بعنايته ورعايته ولطفه.

وأن يكونوا في قلوبنا وشعورنا حاضرين، وإن غابوا عنا بشخوصهم، فهم حاضرون في نفوسنا، ولن تمحى مشاركاتهم وذكرياتهم في مخيلاتنا المتجددة، وليَبْقَوا عناوين بارزة لن تمحى، مع قادم الأيام، ما دام هناك نفس في أرواحنا على وجه هذه الحياة.

والله من وراء القصد.