آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:57 ص

هل يحتاج الأطفال حقًّا إلى مكملات الفيتامينات؟

الدكتور حجي إبراهيم الزويد * مقال مترجم

عند مرورك في ممرّ المنتجات الصحية في أي سوبرماركت، ستجد رفوفًا مليئة بعبوات ملوّنة لفيتامينات ومكمّلات معدنية مخصّصة للأطفال.

تَعِد هذه المنتجاتُ بدعم المناعة، وتعزيز نموّ الدماغ، وتشجيع النموّ الصحي — مما يدفع كثيرًا من الآباء إلى الاعتقاد بأنها ضرورية لنظام طفلهم الغذائي.

ولدى الآباء الذين يعانون من صعوبة إطعام أطفالهم الانتقائيين، قد تبدو المكمّلات حلًّا سريعًا ومطمئنًا. لكن السؤال هو: هل هي فعلاً ضرورية؟

العناصر الغذائية التي يحتاجها الأطفال حقًّا:

صحيح أن الأطفال يحتاجون إلى مجموعة واسعة من الفيتامينات والمعادن — مثل فيتامينات A وB وC وD وE وK, بالإضافة إلى الفولات، والكالسيوم، واليود، والحديد، والزنك — لضمان نموّ صحي وسليم، حيث تلعب هذه العناصر أدوارًا أساسية في تطور الدماغ والجهاز العصبي، وصحة البصر، وقوة العظام، ووظائف المناعة، والتمثيل الغذائي، والحفاظ على وزن صحي.

لكن الحقيقة أن الأطفال الأصحاء يحصلون على هذه العناصر عادةً من الطعام نفسه، لا من المكمّلات.

حتى الأطفال الذين يتناولون طعامًا محدودًا أو انتقائيًا غالبًا ما يحصلون على تغذية كافية من الأطعمة اليومية، خصوصًا أن العديد منها مدعّم بالفيتامينات والمعادن — مثل حبوب الإفطار، والحليب، والخبز، التي تُضاف إليها فيتامينات B والحديد والكالسيوم واليود.

ما الذي تقوله الأبحاث عن المكمّلات؟

على الرغم من أن كثيرًا من مكمّلات الأطفال تدّعي دعم المناعة أو النمو أو الصحة العامة، إلا أن الأدلة العلمية القوية على فعاليتها ضئيلة جدًا في تحسين صحة الأطفال الأصحاء أو الوقاية من الأمراض.

توصي الهيئات الصحية العالمية بأن الأطفال الذين يتناولون غذاءً متنوعًا لا يحتاجون إلى مكمّلات إضافية.

كما تُظهر الدراسات المتكرّرة أن الحصول على الفيتامينات والمعادن من الطعام الكامل أفضل بكثير من تناولها على شكل حبوب، لأن الأطعمة تحتوي إلى جانب المغذيات على الألياف والإنزيمات والمركبات النباتية النشطة والدهون الصحية التي تحسّن الامتصاص والاستفادة منها، وهي ميزات لا يمكن للمكمّلات المعزولة تقليدها.

المخاطر المحتملة والآثار الجانبية:

ينبغي على الآباء أن يدركوا أن المكمّلات ليست خالية من المخاطر.

• الفيتامينات الذائبة في الدهون «A وD وE وK» يمكن أن تتراكم في الجسم إذا أُخذت بجرعات زائدة، مما قد يؤدي إلى تسمّم خطير، وقد تصل المضاعفات في حالات فيتامينَي A وB إلى مستويات مهددة للحياة.

• الجرعات العالية من بعض الفيتامينات الذائبة في الماء مثل فيتامين C قد لا تكون خطيرة، لكنها قد تسبب الإسهال أو تتداخل مع امتصاص مغذيات أخرى.

• كثير من مكمّلات الأطفال تحتوي على نكهات أو سكريات مضافة لجعلها أكثر قبولًا، لكن هذا قد يزيد من استهلاك السكر والمكونات الصناعية، مما يضعف العادات الغذائية الصحية.

كما توجد زاوية نفسية مهمة: عندما يعتاد الطفل على تناول المكمّلات كحلّ لصعوبات الأكل الطبيعية، فقد يتكوّن لديه انطباع بأن الحبوب يمكن أن تحلّ محل الطعام الحقيقي، وهو ما يرسّخ سلوكًا غذائيًا غير صحي على المدى الطويل.

ما الذي يجب على الوالدين فعله؟

الطريقة الأكثر موثوقية لتزويد الطفل بالفيتامينات والمعادن الأساسية هي اتباع نظام غذائي متنوّع ومتوازن، يشمل:

• الحليب ومنتجات الألبان

• اللحوم والدواجن والأسماك

• الحبوب الكاملة

• المكسرات والبذور والبقوليات

• مجموعة واسعة من الفواكه والخضروات الملوّنة.

للتعامل مع الأطفال الانتقائيين في الأكل:

إذا كنتَ تُفاوض ”الديكتاتور الصغير“ على أكل حبة بازلاء واحدة، فأنت لست وحدك!

تشير الأبحاث إلى أن نصف الأطفال تقريبًا يمرون بمرحلة من الانتقائية في الطعام، وهي سلوك متجذّر في تاريخنا التطوري؛ إذ كان الإنسان القديم يتجنّب الأطعمة الغريبة أو المرة خوفًا من السموم، وفي الوقت نفسه يسعى وراء الأطعمة الغنية بالطاقة لضمان البقاء.

وإليك بعض الاستراتيجيات البسيطة لتشجيع الطفل على تناول أطعمة أكثر تنوعًا:

• اخلط الأطعمة: أضف مكونات مغذية إلى الأطعمة المألوفة، مثل مزج فاصوليا بيضاء أو قرنبيط في البطاطس المهروسة.

• استبدل تدريجيًا: ابدأ بمزج الأرز البني مع الأبيض أو استخدم خبزًا ومعكرونة من الحبوب الكاملة بشكل تدريجي.

• اربط الجديد بالمألوف: قدم فاكهة مع زبادي أو صلصة ملوّنة على المعكرونة لجعل التجربة أكثر قبولًا.

هذه الخطوات الصغيرة تساعد على تحسين التغذية وبناء علاقة إيجابية مع الطعام، حتى لدى أكثر الأطفال انتقائية.

متى تكون المكمّلات ضرورية فعلًا؟

قد تكون المكمّلات مفيدة في حالات محددة فقط، مثل:

• الأطفال الذين يعانون من نقص غذائي مثبت طبيًا،

• أو لديهم أمراض مزمنة،

• أو يتبعون أنظمة غذائية مقيدة جدًا.

في هذه الحالات يجب استشارة الطبيب أو اختصاصي تغذية الأطفال لتحديد النوع والجرعة المناسبة.

ومن علامات التحذير التي تستدعي المراجعة: الإمساك المزمن، ضعف النمو، أو علامات نقص عام في النشاط أو الشهية.

الخلاصة:

بالنسبة لأغلب الأطفال الأصحاء، المكمّلات ليست ضرورية — بل قد تكون عديمة الفائدة أو ضارة إذا أُسيء استخدامها.

الطعام الحقيقي، المتنوع والمتوازن، هو أفضل مصدر للمغذيات، وأفضل وسيلة لبناء علاقة صحية مع الأكل.

https://theconversation.com/do-kids-really-need-vitamin-supplements-257624

كاتب المقال

Nick Fuller

Clinical Trials Director, Department of Endocrinology, RPA Hospital, University of Sydney

نيك فولر

مؤلف كتاب الآباء الأصحاء، الأطفال الأصحاء: ست خطوات نحو العافية العائلية الشاملة

تمت الترجمة بموافقة من كاتب المقال وإدارة الموقع الذي نشر فيه المقال
استشاري طب أطفال وحساسية