آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:21 ص

الدكتور محمد العوامي: قصة نجاح عالمية

رضي منصور العسيف *

شيء من السيرة الذاتية

الدكتور محمد فيصل العوامي باحث في الفيزياء الحيوية وتقنيات النانو، حاصل على الدكتوراه من جامعة كامبريدج، وله مساهمات علمية وريادية في تطوير تقنيات حديثة لتشخيص الأمراض وإنقاذ الأرواح. جمع بين البحث العلمي وريادة الأعمال، ونال جوائز عالمية، وأسّس مبادرات لدعم البحث والابتكار حول العالم.

قصة النجاح

لم يكن أحد يصدّق…

في جامعة كامبريدج، حيث يؤمن الجميع أن المستحيل مجرد كلمة، كان هناك من يهمس له: ”لن تستطيع… هذا أعلى من إمكانياتك.“

لكنّه لم يكن يعيش من أجل أن يصدّقه الناس؛ كان يعيش ليُثبت لنفسه أن الإصرار قادر أن يغيّر خارطة الحياة.

منذ طفولته، كانت والدته تغرس في قلبه بذرة العالم.

لم تشتري له ألعابًا كثيرة… بل اشترت له نافذة يرى منها العالم: الأفلام الوثائقية.

كانت تجلس بجانبه، ويتابعان معًا حياة العلماء، تجاربهم، وأسرار اكتشافاتهم.

فنشأ وهو يرى أن القدوة ليست لاعبًا أو مشهورًا… بل عالمًا يحمل شعلة المعرفة.

الأم… كانت أساس العلم.

والأب… كان أساس التفكير الاستراتيجي والطموح العالي.

ومع هذا المزيج، كان حلمه واضحًا في الصف الرابع الابتدائي:

يومها، لم يكن يدري أن تجربة صغيرة ستقوده إلى مستقبله.

أخذ قارورة مياه كبيرة، ملأها بالرمل، ووضع فيها نملًا… وظل يراقب:

كيف يبني النمل بيته؟ كيف يحفظ طعامه؟ كيف يتكيّف؟

لم يكن أحد يفهم ماذا يفعل طفلٌ يُحدّق في قارورة رمل،

لكن تلك كانت أول تجربة بحثية في حياته.

كبر الحلم معه…

أراد أن يصبح طبيبًا، وكان يرى في جامعة هارفارد الطريق الأكبر لذلك.

أنهى البكالوريوس، لكنه شعر أنه لم يصل بعد.

بحث عن طريقٍ يُقرّبه من هدفه فوجد تخصصًا في جامعة UCL يساعد خريجيه للوصول إلى هارفارد.

لم يفكر كثيرًا، قال لنفسه:

”إن كان هذا الطريق يقربني من حلمي… سأخوضه.“

تغيّر كل شيء هناك.

في الفصل كان يجلس بين جراحين وأطباء، وعندما سألوه:

— كيف ترى نفسك بعد عشر سنوات؟

قال بثقة صادقة:

— خمسة أيام باحث ورائد أعمال، ويومان طبيب.

ضحك الأطباء وقالوا له:

— ”أنت لا يجب أن تصبح طبيبًا… أنت خُلقت لتكون باحثًا ومبتكرًا.“

كانت تلك اللحظة مفصلية…

كأنه لأول مرة يسمع صوت عقله الحقيقي بوضوح.

لم يكن الطب حلمه… بل البحث… والاكتشاف… وابتكار شيء ينقذ حياة الآخرين.

قرر البقاء في بريطانيا لإكمال طريقه.

وحين تقدّم لجامعة كامبريدج قيل له:

”مستحيل… ليست في مستواك.“

ارتجف قلبه قليلًا… لكن روحه لم تهتز.

دخل الجامعة… ليس كطالب فقط، بل كمن يريد أن يثبت للعالم أنه يستحق المكان.

درس… بحث… نافس…

وبعد فترة قصيرة، أصبح من الأكثر تميزًا بين أقرانه.

دخل أول مسابقة بحثية…

وفاز بالمركز الأول.

كانت تلك بداية الانفجار الداخلي للثقة.

بعد أسابيع فقط، شارك في مسابقة أخرى، ولم يكن يعلم حتى أنها منافسة.

وفي نهاية المؤتمر، نادى المنظمون:

— ”الفائز بالمركز الأول… محمد العوامي!“

نظر حوله… ظن أنه خطأ.

بين كل هؤلاء العقول من أقوى الأقسام العلمية في العالم… ويكون هو الأول؟

كانت لحظة لم يصدقها إلا بعد أن رأى اسمه على الشاشة.

بعد ذلك توالت الإنجازات:

ترشح ضمن أفضل 21 مبتكرًا في كامبريدج.

لم يعرف من رشحه… ولم يعرف من لاحظ عمله في الخفاء.

لكن أبحاثه، وابتكاراته، وتحويل أفكاره العلمية إلى مشاريع تنقذ حياة الناس…

كانت تتحدث عنه.

ومع كل إنجاز…

كان ينتظر لحظة واحدة:

أن يخبر والديه.

فإذا ابتسموا… شعر أن الجائزة اكتملت.

4 دروس ملهمة

تقدّم قصة الدكتور محمد فيصل العوامي أربعة دروس ملهمة:

1 - لا تخف من تغيير مسارك: بدأ طريقه نحو الطب، ثم اكتشف شغفه بالبحث والابتكار، فتحوّل بثقة وبلغ قمّة عالمية في كامبريدج.

2 - اختر بيئة أكبر منك: وجوده بين العقول المتميزة جعله أقوى، وتفوّق على طلاب من أقوى الجامعات في العالم.

3 - اجعل علمك تأثيرًا: لم يكتفِ بالبحث، بل حوّل أفكاره إلى شركات وتقنيات طبية تنقذ حياة الناس.

4 - أجمل النجاح أن تفرح من يحبك: كان ينتظر لحظة إخبار والديه بإنجازاته أكثر من انتظاره للجائزة نفسها.

كاتب وأخصائي تغذية- القطيف