آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:57 ص

لماذا يزداد الإسهال عند الرضع الذين يتغذون بالحليب الصناعي؟

إن الرضاعة الطبيعية تقلل الإسهال من خلال توفير عوامل مناعية واقية، إضافة إلى تقليل تعرض الطفل للأطعمة أو المياه التي قد تحتوي على مسببات العدوى المعوية.

تُظهر الدراسات أن الحماية من الإسهال تعتمد على مدى حصرية الرضاعة الطبيعية. ففي بنغلادش، وُجد أن الأطفال الذين يرضعون جزئيًا معرضون لخطر أعلى للإصابة بالإسهال مقارنة بمن يرضعون رضاعة طبيعية حصرية.

في الصين، كان الأطفال الذين تغذّوا صناعيًا أكثر عرضة لدخول المستشفى بسبب التهاب المعدة والأمعاء (Chen et al., 1988).

في كندا، كان الأطفال الذين رضعوا طبيعيًا حصريًا خلال أول شهرين أقل إصابة بالإسهال مقارنة بمن تغذّوا بالزجاجة منذ الولادة (Chandra, 1979).

وفي دراسة أُجريت في المملكة المتحدة، وُجد أن الرضع الذين تغذّوا رضاعة طبيعية حصرية لمدة ستة أشهر كانت لديهم نسبة أقل من الإسهال الشديد أو المستمر، مقارنة بأولئك الذين اقتصرت رضاعتهم الطبيعية الحصرية على أقل من أربعة أشهر.

في بورما، احتاج الأطفال الذين يرضعون طبيعيًا إلى كمية أقل من محلول الإماهة الفموية وتعافوا من الإسهال بشكل أسرع (Khin et al., 1985).

الرضع الذين يتغذون بالحليب الصناعي أكثر عرضة للإصابة بالإسهال مقارنة بالرضع الذين يرضعون رضاعة طبيعية، وذلك بسبب عدة فروق وقائية وفسيولوجية بين حليب الأم والحليب الصناعي:

أولًا: غياب العوامل المناعية الواقية في الحليب الصناعي:

• يحتوي حليب الأم على الأجسام المضادة IgA, واللاكتوفيرين، والليزوزيم، والسكريات قليلة التعدد، وغيرها من المركبات المناعية التي تحمي أمعاء الطفل من الجراثيم.

• الحليب الصناعي لا يحتوي على هذه العوامل، مما يجعل الرضع الذين يعتمدون عليه أكثر عرضة للإصابة بالعدوى مثل فيروس الروتا أو الإيشيريشيا كولاي، مما يؤدي إلى الإسهال.

ثانيًا: تغير تركيبة البكتيريا النافعة في الأمعاء:

• الرضاعة الطبيعية تساعد على نمو فلورا أمعاء صحية يغلب عليها البيفيدوباكتيريا واللاكتوباسيلس، وهي بكتيريا مفيدة تمنع نمو الجراثيم الضارة.

• أما الحليب الصناعي فيؤدي إلى تكوين فلورا أقل حماية، مما يزيد من احتمال الإصابة بعدوى الجهاز الهضمي والإسهال.

ثالثًا: تركيبة الحليب الصناعي ودرجة التركيز (الأسمولالية):

بعض أنواع الحليب الصناعي تحتوي على تركيز أعلى من المذاب في المحلول (أسمولالية عالية)، ما يسحب الماء إلى الأمعاء ويسبب إسهالًا تناضحيًا. كذلك، التحضير غير السليم أو الخاطئ للحليب الصناعي يمكن أن يزيد من هذا التأثير.

رابعًا: اختلاف المكونات الغذائية:

حليب الأم يتكيف مع عمر الطفل واحتياجاته الهضمية، بينما الحليب الصناعي لا يمتلك هذه القدرة على التكيف، وبعض مكوناته مثل بروتين حليب البقر غير المعدل قد يهيج الأمعاء أو يؤدي إلى التهاب القولون التحسسي، وكلاهما قد يظهر على شكل إسهال.

خامسًا: أنماط التغذية:

الرضع الذين يعتمدون على الحليب الصناعي قد يتعرضون للتغذية الزائدة أو تناول كميات كبيرة في فترات متباعدة، مما قد يؤدي إلى إسهال وظيفي بسبب تغيّرات في حركة الأمعاء.

استمرار الحماية حتى مع الرضاعة الجزئية:

تشير الأدلة الوبائية إلى أن الحليب البشري يواصل توفير الحماية حتى مع التغذية الجزئية.

فالرضاعة الجزئية أفضل من عدم الرضاعة مطلقًا، إذ يوفر الحليب حماية نوعية ضد مسببات الأمراض السائدة في بيئة الأم والطفل، مما يعني أن الطفل يحصل على أجسام مضادة ضد الجراثيم التي يُحتمل أن يتعرض لها فعليًا.

رسالة الختام: غذاء، مناعة، وحنان

الرضاعة الطبيعية تقلل من حدوث الإسهال عند الرضع بفضل الحماية المناعية، وتنظيم الفلورا المعوية، والتركيبة الغذائية المثالية.

في كل قطرة من حليبكِ رسالة حب وحماية لطفلكِ.

إنها نعمة لا تُقدّر بثمن، ووصية نبوية باقية:

﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [البقرة: الآية 233]

فاحفظي هذا الحبل المقدس بينكِ وبين طفلكِ، فهو غذاء الجسد، وطمأنينة الروح، ودرع المناعة الأبدية.

استشاري طب أطفال وحساسية