آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:57 ص

بناء الجسور بين الشرق والغرب"... نحو إنسانية تتجاوز الصدام

حسن المصطفى * صحيفة البلاد البحرينية

أطلق الأمين العام لـ ”رابطة العالم الإسلامي“ الدكتور محمد العيسى، في يونيو 2023 من منصة ”الأمم المتحدة“ مبادرة ”بناء الجسور بين الشرق والغرب“، مؤكدًا - حينها - أنها جاءت من أجل ”صداقة فاعلة وتعاون ملموس بين شعوب العالم“ وذلك بهدف تحقيق ”سلامهم ووئامهم وازدهارهم“، مشددًا على أن ”العالم لن يعرف سلامًا حقيقيًّا إلا حين يدرك أن تنوعه مصدر غناه لا سبب صراعه“، وهو بذلك يؤسس لمبدأ احترام التنوع البشري، وتحويله من عنصر تشرذمٍ وصدامٍ إلى قوة فاعلة من أجل السلام، حين تتحاور الثقافات وتتعاون فيما بينها، جاعلة من المشتركات أسس بنيانٍ قويٍ ومستدام.

المبادرة تعود جذورها إلى منتدى ”بناء الجسور“ الذي أطلق عام 2022 في جزيرة ”بالي“ ضمن أعمال ”قمة الأديان“ لـ ”مجموعة العشرين“ «R20»، حيث بدأت كمنصة للحوار بين القيادات الدينية والفكرية، لتطور ”رابطة العالم الإسلامي“ هذه المبادرة ويكون إعلانها الأممي العام 2023 بمثابة التأكيد على البعد المؤسسي الدولي، إذ تحولت من فكرة رمزية إلى مشروعٍ أشمل يسعى إلى تجاوز نظريات ”الصدام الحضاري“ و”الانقسامات المتعددة“ وتعزيز مبادئ ”ميثاق الأمم المتحدة“ بقيم الاحترام المتبادل والكرامة الإنسانية، مستفيداً من قوة الخير الكبيرة التي تمتلكها الأديان.

إن استحضار هذه ”المبادرة“ اليوم يكتسب أهميته، وسط عالمٍ يموج بالأزمات المتصاعدة، من حروب الشرق الأوسط إلى التوترات الثقافية والهوياتية في الغرب، والنزاعات الأهلية، وتنامي خطابات الكراهية والعنصرية والإسلاموفوبيا، حيث تتآكل الثقة بين الشعوب والأديان، ما ينذر بمواجهات لا تحمدُ عقباها!

من هنا، فمبادرة ”بناء الجسور بين الشرق والغرب“ يمكن أن تشكل إطارًا عمليًّا لتفعيل القوة الناعمة الدينية والفكرية، جاعلة من الحوار الصادق والجاد أداة ضرورة واستراتيجية لحل الخلافات.

تجسيد قيم ”المبادرة“ لا يقع على كاهل ”رابطة العالم الإسلامي“ وحدها، بل مسؤولية مشتركة على الحكومات والقيادات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني، وذلك عبر رؤية تُعيد تعريف معنى ”التفاهم بين الحضارات“ كعملية تنموية - ثقافية مستمرة، تشكل ضمانة تمنع انزلاق العالم نحو مزيد من الحروب والشقاء.