آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 1:30 م

بيوت نورانية

حكيمة آل نصيف

قال تعالى. ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [النور الآية 3].

البيوت الآمنة القائمة على الود والاحترام النابع من الإيمان والتقوى ومخافة الله تعالى هي بيوت محط الملائكة وينظر الله عز وجل إليها بعين الرحمة والبركة، وأصدق هذه البيوت التي تنطبق عليها الآية الكريمة هي بيت علي وفاطمة ، ومنه نتعلم الدروس ونأخذ العبر الأساسية التي من خلالها نكوّن بيوت مستقرة وآمنة، أساسها الإيمان الذي يولد المحبة والمودة بين أفراده فلا يكون ذلك البيت مجرد جدران ظاهرية تحمينا من ماديات الحياة، وإنما هو بيت يخرج من أبوابه شخصيات إيمانية تواجه معترك الحياة بكل قوة وصلابة.

وأهم مقومات البيت الناجح نتعلمها من الأساسيات التي قام عليها بيت علي وفاطمة ، وهي:

1 - الاختيار الرباني الإلهي لقوام البيت الفاطمي:

زواج الإمام علي بالزهراء لم يكن حادث وارتباط اجتماعي تقليدي وإنما كان اصطفاء إلهي لهما فعلي لم يكن له كفؤ إلا الزهراء لما تمتلكه من مقومات المرأة المثالية التي يرتكز عليها نجاح الأسرة المؤمنة، ولذا لا بد لنا أن نتخذهما قدوة في الاختيار لتأسيس حياة سعيدة كريمة من خلال اختبار الشريك المناسب الذي يكون خير معين على أمور الدين والدنيا.

2 - مقومات العلاقة الزوجية:

العلاقة بين علي وفاطمة علاقة تتجلى فيها مصاديق المودة والرحمة والشفقة التي تولد الحب الحقيقي المنبثق من إشراقات روحيهما الطاهرة، فكان الإمام علي خير بعل وعون للزهراء في طاعة الله وكذا الإمام في صنوه وشريكته الزهراء المعين والحصن الذي يلجأ له في كل حين، وهذا تأكيد لنا أن الحياة الزوجية لا تقوم على الماديات بل لا بد أن يكون أساسها الخوف من الله ومراعاة الطاعة المطلقة لله عز وجل.

3 - تحمل المسؤولية وتقسيم

الأدوار في المنزل: تحمل المسؤولية داخل البيت وخارجه من أهم الدعامات التي تساعد في استمرار الحياة الأسرية والبعد عن المشاكل والاضطرابات العائلية، وهذا ما أسسه أمير المؤمنين والزهراء لنا من خلال حياتهما فأمير المؤمنين كان يسعى خارج البيت لتوفير مقومات الحياة المادية والزهراء كانت تقوم بشؤون المنزل داخله من تهيئة الطعام وخلق جو الألفة والمحبة، ومع هذا لم يتوانَ أمير المؤمنين في تقاسم الأدوار مع الزهراء داخل البيت فكان يساعدها في الكنس وإعداد الطعام وتهيئة المنزل، وهذا التعامل الجميل بين الأزواج تفتقره معظم بيوتاتنا في الوقت الحالي، فمع كثرة المسؤوليات واحتياج المرأة للخروج للعمل خارج المنزل لمساعدة الزوج في أعباء الحياة المادية، نرى في المقابل أزواج وزوجات تخلت عن مسؤولياتها الأساسية داخل وخارج المنزل فنرى بعض الرجال ألقت بكامل المسؤولية المادية على الزوجة الموظفة ولا يهتم لأمر النفقة لزوجته وأبنائه ولا مراعاتهم في تربية وخلق روح التعاون داخل المنزل، وفي المقابل كذلك هناك نساء وأمهات تخلت عن وظيفتها الأساسية وهي حماية وتربية الأبناء فضلا عن القيام بمسؤولية تهيئة المنزل ونظافته وإعداد الطعام، وكلا الزوجين يتخذان الحقوق والواجبات ذريعة بأن هذه واجبات الزوجة أو الزوج وغاب عنهما بأن ذوبان الأرواح وتكامل الأدوار أساس تكوين المودة والرحمة بينهما.

4 - بساطة العيش:

فاطمة الزهراء عاشت حياة الزهد والبساطة والبعد عن الماديات التي ما هي إلا ملهيات عن القرب الإلهي وعن الرضا والقناعة، حتى أنها كانت تتصدق بأحب الأشياء لنفسها وبكل ما تملك متقربة لله عز وجل بها، علينا التأمّل في بيت علي وفاطمة القائم على مراعاة الله عز وجل والتقوى والإيمان، فكان بمثابة المدرسة الدينية والروحية والأخلاقية والاجتماعية.