آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 3:54 م

في ساحة العلم والمعرفة

أحمد منصور الخرمدي *

لدى كل إنسان سليم العقل، فطري قادر على التفكير الصحيح، يملك حسن التصرف والاستمتاع بما مَنَّ الله عليه من النعم. قال الله تعالى:

﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا [الإنسان: الآية 3].

إن حماية العقل بالعلم والمعرفة تُزيِّنه، وتجعل الإنسان ذا مكانة كبيرة؛ فالعقل الناضج يبني في النفس وقاية وإيمانًا راسخًا، فتقوى الله سبحانه وتعالى دواء داء القلوب وبصر عمى الأفئدة وشفاء مرض الأجساد وصلاح فساد الصدور وطهور دنس الأنفس وجلاء غشاء الأبصار، كما ورد عن الإمام علي : «إنّ تقوى الله دواء داء قلوبكم، وبصر عمى أفئدتكم، وشفاء مرض أجسادكم، وصلاح فساد صدوركم، وطهور دَنَس أنفسكم، وجلاء عشا أبصاركم».

فالقرآن الكريم حث على التعقل في عدد من الآيات، منها قوله تعالى:

﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [البقرة: الآية 242].

فالإدراك والتذكر والتفكير والتفكر، جميعها مؤشرات حسية ومعنوية. قال تعالى:

﴿فَلَمَّا تَرَآءَا الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [الشعراء: الآية 61]،

وقال تعالى:

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [الروم: الآية 24]،

وقال تعالى:

﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ [يس: الآية 62].

ما أبشع الإنسان وما أقساه، حين يُساق بهواه، يتخبط يمينًا وشمالًا في ظلمة الجهل والأوهام. فالله سبحانه وتعالى أكرمه وفضّله على سائر المخلوقات، ووهبه العقل الذي يستنير به، يهديه إلى الطريق السليم والنهج الصحيح، وعلّمه ما لم يعلم. قال تعالى:

﴿عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق: الآية 5].

في ساحة العلم والمعرفة، يأتي دور العقل؛ يكون الإنسان مهيئًا لتجاوز الصعاب، يستخلص من الحياة كل مفيد، ويسير على هدى وحكمة، فيحجب نفسه عن الخطأ والجمود. فالعقل من دون علم ومعرفة، ومن دون تفكر، قد يختلط عليه كثير من الأمور، فيمرض ويؤثر في سائر الجسد، وقد يصل الإنسان - لا سمح الله - إلى خيالات بعيدة عن الحقيقة، وهي مجرد أوهام.

ومما يؤثر في القلب والدماغ، وهما المشتركان بين العقل ومركزي الإدراك والإبصار والسمع، قال تعالى:

﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: الآية 46].