الشيخ الصفار: الاحتفاء بالسيدة زينب يجب أن يتجاوز المشاعر إلى المبادرة العملية
أكد الشيخ حسن الصفار أن الاحتفاء الحقيقي بذكرى السيدة زينب
لا ينبغي أن يقتصر على التعبير العاطفي، بل يجب أن يترجم إلى اقتداء عملي بمسيرتها واستلهام روح المبادرة العظيمة من شخصيتها الفذة.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها الشيخ الصفار في مجلس الحاج سعيد المقابي مساء الثلاثاء، بمناسبة ذكرى ميلاد العقيلة زينب
، في احتفاءٍ خاص حضرته مجموعة من الصم والبكم، وقام السيد نجيب بترجمة الكلمة إلى لغة الإشارة.
وشدد الشيخ الصفار على أن السيدة زينب
تمثل أنموذجاً فريداً في الوعي، والصبر، والمبادرة، وتحمل المسؤولية.
ودعا الحضور إلى تربية النفس على المبادرة بدلاً من الكسل، سواء في البيت أو العمل أو المجتمع، حاثاً الجميع على أن يكونوا هم البادئين بفعل الخير دون انتظار أن يُطلب منهم ذلك.
وفي تحليله لشخصيتها، بيّن الشيخ الصفار كيف حوّل الإيمان العميق الألم إلى جمال في منظور السيدة زينب، مستشهداً بردها التاريخي في مجلس ابن زياد حين سألها: ”كيف رأيت صُنع الله بأخيك؟“، فأجابت بكل ثبات: ”مَا رَأَيْتُ إِلَّا جَمِيلًا“. كما أبرز ثباتها الاستثنائي عند وقوفها أمام جسد الإمام الحسين
قائلة: ”اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنّا هذَا الْقُرْبانَ“.
وركّز الشيخ الصفار على جانب المبادرة وتحمل المسؤولية لديها، موضحاً أنها أصرّت على الخروج مع الإمام الحسين
رغم مسؤولياتها الزوجية والأمومية، إدراكاً منها لعمق دورها. وتجلت شجاعتها في مواقف بطولية، كدفاعها عن حياة الإمام زين العابدين
بعد مقتل والده، وتصديها لابن سعد قائلة: ”لا يُقتَلُ حَتّى أُقْتَلَ دُونَهُ“.
وتناول الشيخ الصفار النبوغ المبكر والوعي العميق في شخصيتها، مشيراً إلى أنها وُلدت في السنة الخامسة للهجرة في بيت النبوة، ونالت رعاية خاصة من جدها رسول الله ﷺ الذي نُقل أنه وجد فيها شبهاً بجدتها خديجة الكبرى
في السمو والوقار.
وأوضح أنها كانت مثالاً في الذكاء، حيث حفظت خطبة أمها الزهراء
الشهيرة وهي في الخامسة من عمرها، ولولا روايتها لضاعت من الأمة. كما كانت تدير مجلساً نسوياً لتعليم أحكام الدين وتفسير القرآن، مما استدعى قول الإمام زين العابدين
في حقها: ”وَأَنْتِ بِحَمْدِ اَللَّهِ عَالِمَةٌ غَيْرُ مُعَلَّمَةٍ، فَهِمَةٌ غَيْرُ مُفَهَّمَةٍ“.
ولم يغفل الشيخ الصفار جانبها العبودي، مؤكداً أنها لم تترك صلاة الليل حتى في أحلك ليالي كربلاء وأثناء الأسر، وكانت تصلي وهي جائعة ومتعبة، مقدمةً طعامها للأطفال، لتجسد بذلك قمة الإيمان والتسليم.
وأكد الشيخ الصفار أن مسيرة السيدة زينب
لم تكتفِ بالحزن بعد عودتها للمدينة، بل واصلت نشر الوعي لتكون صوت الثورة الحسينية، داعياً لاستلهام هذا الدور الفاعل، ومستشهداً بقول أمير المؤمنين علي
: ”افْعَلُوا الْخَيْرَ وَلَا تَحْقِرُوا مِنْهُ شَيْئاً، فَإِنَّ صَغِيرَهُ كَبِيرٌ وَقَلِيلَهُ كَثِيرٌ“.

















