البروفيسور الدكتور باقر حمزة العوامي.. ”طبيب ناصح وفيّ.. وقامة لا تُنسى“
في رحيل عظيم يخيم بالحزن والفخر معًا على قلوبنا وقطيفنا وحقل الطب في المملكة، ودّعنا يوم أمس شخصية علمية وإنسانية فذة، تركت بصمات أبدية على قلوب مريديه وزملائه وطلابه. البروفيسور الدكتور باقر بن السيد حمزة العوامي، الذي أحبَّ مهنته وعشق العلم، رحل لكنه باقٍ في ذاكرة الأهل والوطن، برصيد علمي وإنساني يجعل ذكره نبراسًا للأجيال.
وُلد الدكتور العوامي عام 1368 هـ في بلدة القلعة بمحافظة القطيف، في بيئة علمية وثقافية أصيلة.
نشأ وترعرع في كنف العائلة المعتبرة، حيث وجدت لديه الميول نحو العلم منذ الصغر. تعلم مبادئه الأولى عبر حضور حلقات العلم المحلية، خاصة من خاله الشيخ عبدالرسول، الذي كان له أثر في تكوين شخصيته الفكرية والعلمية.
كانت القطيف، بتراثها الديني والثقافي، مسرحًا لتكوين شخصيته بين التمسك بالأصالة والانفتاح على المعرفة، مما وجده داعمًا لمسيرته في وقت بدأت المملكة تسعى نحو نهضة علمية وصحية.
اختيار التخصص والرؤية
اختار الدكتور العوامي أن يكرّس علمه في طب الأطفال وخصوصًا في أمراض الدم الوراثية، شأن نادر في الزمان والمكان، فجمع بين الجانب السريري والتخصص الدقيق، ليكون جسراً بين المريض والعلم.
يُروى أنه طرح فكرة «الفحص الطبي قبل الزواج» أيام كان الاقتراح يُعدّ جريئًا، وقد تطورت الفكرة لتصبح أحد أعمدة الوقاية في الصحة العامة بالمملكة.
كما شمل اهتمامه الأبحاث التي تربط بين الواقع السعودي وبعض المناطق العالمية في أمراض الدم، مما ساهم في إعطاء سمعة علمية للمملكة في هذا المضمار.
ونُقل أن مشروعه لأمراض الدم الوراثية تم دعمه من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بتمويل يصل إلى ملايين الريالات.
المنجزات والإسهامات
• أصبح الدكتور العوامي مرجعًا في أمراض الدم الوراثية وطب الأطفال على مستوى الوطن العربي.
• مثل المملكة في مؤتمرات طبية دولية، وشارك في لجان تقييم المستشفيات داخل وخارج البلاد.
• أسهم في بناء بيئة طبية بحثية في القطيف والمنطقة الشرقية، وزرع في طلابه نهج التكامل بين الممارسة والبحث.
• استمر بالعطاء حتى بعد التقاعد، من خلال عيادته الخاصة التي كان يُتابع فيها الحالات بعناية وحنان ونبض إنساني، مظهرًا التفاني في خدمة الإنسان لا المهنة وحدها.
تقع عيادته في القطيف، في مجمع عيادات الدكتور باقر العوامي، شارع القدس، حي الخزامى.
كما وصفه البعض بأنه كان من ”نجوم الطب السعودي“ الذين غيّروا وجه الرعاية الصحية للأطفال وأمراض الدم في المملكة.
ما يميّز العظماء إنسانيتهم وليس علمهم وحده،، وقد تجسدت في البروفيسور العوامي أبهى صورها.
وقد شُهد للبروفيسور العوامي بصفات نادرة:
• خلق رفيع وأدب جمّ: فقد ذُكر مرارًا أنه رحم المرضى، ولم يفرّط في حق أحد، وكان حريصًا على الكلمة الطيبة والابتسامة الهادئة.
• روحه الوطنية والانتماء الصادق: كان عمله داخل جدران المستشفى إلى جانب عمله في بناء مجتمع صحي واعٍ، وسعى لأن يكون عطاؤه في خدمة وطنه.
• تواضع وودّ بين الزملاء والطلبة: كان يشعر بأن مهمته أكبر من التشريفات، فكان قريبًا من الجميع، يُشجِّع ويُوجه ولا يتباهى.
•رصانة في الطرح والتعامل: في محافل البحث والمناقشات، كان من المتوازنين، يأخذ برأي غيره، ويركّب الحجج بعناية.
تلقّت الأوساط الطبية والمجتمعية، وعموم محبيه، نبأ وفاته بصدمة وحزن عميق، وذاع الخبر سريعًا بين الناس.
وُعلن تشييع جثمانه يوم الأربعاء «2 ربيع الآخر 1447 هـ» الساعة الرابعة عصرًا من مغسله في القطيف بحي البستان، ليوارى الثرى في مقبرة الخباقة.
وقد تمّت مراسم التشييع في أجواء مهيبة وحشود كبيرة، حيث وقف الناس إجلالًا لفقدان قامة طبية وإنسانية جمعت بين العلم والإحسان والخلق الرفيع.
رحيله هو فصل في تاريخ يُنقش بحروف من نور:
1. أجيال تربت على يده: أطباء وطلاب أخذوا عنه المنهج والحرص، وسيحملون رسالته إلى الأمام.
2. أبحاث تشهد له: ما وُضع تحت اسمه من دراسات ومشاريع، سيُواصل البحث والإضافة لها إن شاء الله.
3. وعي صحي ومقترحات وقائية: الفكرة التي ساهم في تأسيسها بأن يكون الفحص قبل الزواج أحد ضوابط الصحة الوطنية، ستظل رمزًا من رموز الوقاية.
4. ذاكرة وطنية إنسانية: يُحكى عنه بالخير، وستُروى سيرته في النوادي الثقافية والطبية، ليعرفه الأجيال القادمة بصماته وتاريخه.
لقد تركت فينا يا بروفيسور باقر العوامي، يا أبا السيد ماهر، صوتًا لا يخبو، ومثالًا بأن العلم إذا لم يُنكَسْ بالعطاء فلعله يبقى مجرد نظرية. كنتَ طبيبًا للقلوب قبل الأجساد، وعلمتَنا أن الإنسان أولًا وأخيرًا.
رحلتَ عن دنيانا، لكنّك ستعيش في الأيام، في عيون أولئك الذين شُفوا بيديك، وفي أرواح أولئك الذين اقتنوا منك الحكمة، وفي قلوب كل من ذُكِرتَ به بالخير.
أسأل الله العلي القدير أن يرحمك برحمته الواسعة، ويؤوّلك الفردوس الأعلى، ويجعل مثواك مع النبيين والصالحين والأبرار، وأن يلهم ذويك الصبر والسلوان، وأن يبقي ذكرك نِعم الذكر في السنين والأيام.
• الشيخ حسين البيات - «رحل المربي الدكتور السيد باقر العوامي مبدعًا عاملاً مثابرًا معطاءً خادمًا لمجتمعه»:
• الكاتب علي آل ثاني - «حين يرحل العطاء ولا يغيب الأثر»:
• جهات الإخبارية - «من قلعة القطيف إلى العالمية.. حكاية البروفيسور باقر العوامي»:
• منصور الصلبوخ - «فقيد القطيف والوطن.. الطبيب الناصح، القامة الطبية العالية، وصاحب المبادرات الإنسانية»
«كلمة عبر مجموعة الغنامي - وسائل التواصل الاجتماعي»













