آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 1:42 م

الآفات والبلاءات وردّات فعل البشر

أمير بوخمسين مجلة اليمامة

يتعرض البشر لآفات وبلاءات ذات أشكال مختلفة ومتنوعة، فهناك الفيضانات والزلازل والهزّات الأرضية والحروب والأوبئة بكل أشكالها بيئية أو مرضّية، وغيرها من البلاءات التي تحدث على هذه الأرض. حيث يبدي البشر ردّات فعلهم في مقابل هذه الحوادث التي يتعرضون لها بشكل متفاوت. فمنهم من يلجأ إلى الله والتضرّع والرجوع له، الأمر الذي يبعث على تقربهم منه تعالى، والإدراك بأهمية الحاجة إلى العبودية الإلهية. والآخر لا تترك أثراً بل العكس، قد يبلغ الأمر حد العناد والتعلّق أكثر بأمور الدنيا والابتعاد عن الله تعالى. وذلك بسبب قسوة قلوبهم، كما وصفهم القرآن الكريم «ولكن قست قلوبهم» فلا ينفذ كلام الله فيهم، حتى وصل بهم الأمر إلى أن يضعوا أصابعهم في أذانهم كي لا يسمعوا كلام الحق تعالى. وأحياناً تذهب الأمور إلى أبعد من ذلك، بل يصبحون عامل ضلال وشقاء للآخرين. ففي هذه الحالة يحلّ على الجميع نزول العذاب. والآخر يتفاعل مع الأمر بشكل ايجابي فيقوم بعمل الأمرين الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، والعمل على تجاوز البلاء من خلال التفكير العلمي والعملي للتغلب على المشاكل والصعاب التي خلفها البلاء. وخير مثال جائحة الكورونا، حيث أصيب العالم بالشلل تماماً، وتوقفت كافة الأعمال والمشاريع والأنشطة في كافة دول العالم، وأصبح الجميع عاجزاً، وحدث استنفار عالمي من كافة دول العالم، ولم يستطع أحد تفسير هذه الظاهرة إلى يومنا هذا، وكافة البشر أصبحوا حبيسو المنازل، ولم يعد هناك أمل بأن يظهر من ينقذهم، وبدأت مراكز الأبحاث بالعمل على انتاج علاج لهذا الفيروس الذي انتشر «كالنار في الهشيم» في العالم أجمع، ولم يترك انسان إلا وأصيب بهذا الفيروس، بغض النظر عن مكانة هذا الشخص وهذه الدولة. هذا البلاء الذي حلّ على سكان هذه المعمورة دفع ببعض الناس للإستيقاظ والتنبيه، أو على الأقل التقليل من جنوحهم نحو الإلحاد والكفر. هذه التدبيرات الآلهية في هذا العالم تشمل الحوادث المريرة، والسؤال «ماهي وظيفة الإنسان؟» أي الذي لم يثبت في حقّه ذلك النصيب من الشقاء أو السعادة؟ - في مقابل خيرات العالم ونعمه، وبلاءاته وصعابه؟ إن الأصل في تعامل الإنسان مع النعم الإلهية في هذا العالم هو أن يعرفها جيداً، وأن يؤدي حق شكرها، وأن يحسن الإستفادة منها، وألا يتسبب في تضييعها على نفسه أو على الآخرين. وفي المقابل ينبغي على الإنسان أيضاً أن يحول دون ظهور عوامل الشرّ والفساد - كالأوبئة والأمراض - وأن يشكّل مانعاً أمام شيوعها وانتشارها. وبين كل ما ذكر سابقاً من تصنيف لردود الأفعال ذات المراتب المتعددة راجع إلى هذه المقولة «يأبى الله إلا أن تجري الأمور بأسبابها» التي تؤكد التأثير الإلهي في جميع هذه الظواهر وتقول كذلك بتأثير الفواعل المتعددة للمخلوقات، والإدراك الكامل لهذه المقولة وأبعادها يحتاج إلى عمق في التفكير وقوة في العقل.