أشجان
سألتني الموظفة هل أنتِ متأكدة من قرارك…
بقيتُ صامتة للحظات… استذكرتُ ذلك اليوم الذي غابت فيه معلمة مادة اللغة العربية، فجاءت معلمة أخرى… كانت المعلمة مبتسمة خاطبت الطالبات قائلة: سأكون معكم في هذه الحصة بسبب غياب معلمتكم آيات...
اسمي فاطمة، وأحب أن أقضي معكم بعض الوقت أتعرف عليكن… أحب أن أعرف أسماء طالباتي، واستخرج منها المعاني الجميلة… ما رأيكم أن نبدأ هذا الدرس.
أجابت جميع الطالبات فكرة رائعة. بقيتُ مكاني أتصبب عرقا، وأتمنى أن تنتهي هذه الحصة بأسرع وقت.
وقفت المعلمة فاطمة تنظر في أرجاء الصف… جميع الطالبات رفعن أيديهن، وكل طالبة كانت تصرخ أنا… أنا. رفعت يدي ولكني كنت أتمنى أن لا أقع في شبكة المعلمة فاطمة، وأحرج أمام الطالبات.
أشارت المعلمة لإحدى الطالبة قائلة هيا تعالي… أنت أيتها الجميلة… تعالي وقولي لي ما اسمك....
توجهت الطالبة وهي مبتهجة… وقفت أمام المعلمة، وقالت بكل ثقة اسمي آلاء.
قالت المعلمة ما شاء الله اسم جميل… هل تعرفين شيئا عن اسمك؟
أجابت الطالبة آلاء... نعم أعرف لقد ورد ذكره في سورة الرحمن 31 مرة.
صفقت المعلمة فاطمة، وقالت أنت رائعة.
نعم هو كذلك.
ثم أضافت المعلمة:
آلاء هو اسم عَلم مؤنث أصله عربي وهو جمع أَلْو وإلًى وأَلًى: وهي النعم الكثيرة التي وهبها الله عز وجل لعباده.
ثم قالت المعلمة لنتعرف على طالبة أخرى… وأشارت إلى طالبة كانت تجلس في زاوية الفصل.
سألتها المعلمة ما اسمك يا جميلة؟
قالت الطالبة اسمي إسراء.
سألتها المعلمة وهل تعرفين معنى اسمك؟
قال إسراء نعم هو اسم سورة قرآنية، وهو يتحدث عن معجزة الإسراء والمعراج في شهر رجب.
كنت أسمع أسماء الطالبات، وكنت أشعر بالقلق والتوتر فماذا أقول للمعلمة عندما تسألني عن اسمي وعن معناه.
انبثقت في ذهني فكرة.
رفعتُ يدي… نظرت إليّ المعلمة فاطمة، وقالت هيا تعالي أيتها الجميلة… أخبرينا عن اسمك...
قلت أنا أشعر بمغص شديد أريد أن أذهب للحمام. هل تسمحي لي بالخروج. أرجوك.
ابتسمت المعلمة وقالت: نعم يمكنك الخروج.
خرجت إلى الحمام… وبقيت حتى سمعت جرس انتهاء الحصة...
عندما عدت للفصل قابلتني المعلمة فاطمة… قالت: لقد تأخرتِ كثيرا.
نظرت للمعلمة. أردت أن أعتذر لها لأني كذبت.. ولكن...
ابتسمت المعلمة فاطمة، وقالت خسرنا التعرف على اسمك الجميل...
أكملت طريقي للفصل…
قالت لي الطالبة زينب، لقد سألت عنك المعلمة فاطمة... لقد سألتنا عن اسمك.
شهقت وقلت وماذا قلتن لها؟!
قالت زينب لقد قلنا لها أن اسمك أشجان
بقيت متجمدة في مكاني…
عدت للبيت وصرخت بأعلى صوتي… لا أحب اسمي… لماذا اخترتم لي هذا الاسم..
جاءت أمي… وقالت ما بك لماذا هذا الصراخ؟!
قلت: سوف أغير اسمي…
قالت أمي: هذا هو اختيار والدك…
قلت: لقد توفي والدي رحمه الله… ولكن هذا الاسم لا يزال ملتصقًا بي… يسبب لي القلق. التوتر. لا أريده.
قالت أمي: تغيير الاسم ليس سهلا هناك إجراءات طويلة.
قلت: هل سأبقى أعيش في الأشجان؟!
مضت على هذه الحادثة عشر سنوات، وها أنا ذا أقف هنا.. هل أنطق بكلمة نعم، وأبدأ في إجراءات تغيير اسمي.
نادتني الموظفة مرة أخرى.. ما بك؟ هل أنت متأكدة من تغيير اسمك؟!
أجبتها: نعم
سأغير اسمي أشجان
سألتني وما هو الاسم الجديد؟!
أجبتها… أبرار…
همسة
روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه، ويحسن أدبه [1] .
ينصح علماء النفس والاجتماع دائما بالتفكير مليا في اختيار اسم الطفل، لا ليكون معقدا أو نادرا أو غريبا عن أقرانه، ولكن ليكون رفيقا جيدا لرحلته في الحياة.