آخر تحديث: 3 / 12 / 2024م - 7:35 م

منا وإلينا… بخس النفس

يسرى الزاير

من منا لم يتعرض في وقتٍ ما لمحاولة تحبيط من قبل أحدهم، والذي غالبًا ما يكون ذلك الشخص على صلة قاصدًا بنا.

أما أن يكون أحد الأقارب أو الأصدقاء أو الزملاء، قلما يكون غريبًا التقيناه صدفة.

البعض من البشر لا تحلو لهم الحياة دون تتبع حياة غيرهم، يتحينون أي فرصة لإيذائهم أو على الأقل مضايقتهم.

وبالطبع يتقصدون من يغارون منهم ويحسدونهم.

أحيانا يستخدمون أسلوبًا ناعمًا لعوبًا من باب المودة والنصح والحقيقة هي محاولة للتقليل من شأن وتعمد إحباط المستهدف.

يدأبون على تحجيمه والتقليل من قيمته بنظر نفسه.

لديهم من الوقاحة ما يجعلهم قادرين على اختراع صفات وسلوكيات وحتى مواقف لا صلة له بها البتة. بل يسقطون عيوبهم ونقصهم عليه.

وبالطبع تلك العينة المؤذية من البشر لا تقتصر على فئة اجتماعية دون غيرها.

هي موجودة أينما كان بين المتخلف والمثقف… في الحاضر كما الماضي كما المستقبل.

إذا العبرة تكمن في المستهدف نفسه.

هو من يسمح لأولئك الناس بتجاوز حدودهم عندما يخترقون حاجزه النفسي، فيصاب بالإحباط والكآبة.

والبعض من الناس يستجيبون لتلك المحاولات وبالفعل يقعون فريسة للضيق والإحباط ولو لوقت قصير.

فما الذي قد يردع أولئك الوقحون؟

اعتياد رفع معيار الثقة في النفس عند الالتقاء بهم ولا بأس من التعامل معهم بغرور ودرجة من الفوقية.

ذاك فيما يخص بخس الحق من قبل الآخرين.

فماذا عن بخس النفس؟ أي التقليل من شأن الشخص لنفسه.

هنا مربط الفرس.

البعض ولربما الكثير من الناس على معرفة وإدراك بمكنوناتهم العقلية وقدراتهم الإبداعية ونظرتهم الثاقبة حول تطوير جوانب حياتهم والمساهمة في بناء مجتمعاتهم، إلا أنهم يقللون من شأن أنفسهم.

وهذا هو الخطر الحقيقي والإنذار المبكر للانزواى والكآبة.

الإنسان الذي لا يفخر بذاته ولا يتحدث عن مكامن امتيازاته ولا يمارس إبداعاته وهواياته، فهو يبخس حق نفسه حتى يعتاد هجر قدراته إلى أن تضمحل وتضيع هبات أودعاها الله فيه سدى.

فمن لا يحتفظ لنفسه بمساحته الخاصة، سوف

يستعمرها أحدهم، فلا يبقى له إلا أن يختنق بركام إحباطاته وكآبته.

البعض ينتظر الإطراء وحشد الثقة من أقرب الأقرباء وأحب الناس لديه فلا يأتيه سوى عدم الاكتراث.

يخطئ من يترقب التشجيع والمساندة من محيط أناني.

فمن أراد حياة مميزة ترضيه فلا يبالي للتبخيس.

لست مطالبًا بأن تكون مثاليًا بعيون الناس، بل يجب أن تكون راضيًا عن نفسك تمام الرضا.

لا تتوقف عن التعلم لأنهم يقولون أنك كبرت.

لا تتوقف عن العمل لأنك في نظرهم انتهيت مع التقاعد.

لا تتوقف عن الحلم والإنجاز ومتعة الحياة ما دمت حيًا.

توقف عن أي شيء حالما تقرر بأنك اكتفيت منه أو لم يعد يروق لك.

ولأن الرقي طبع يليق بك دونهم فلا تبالي لكلمات ومواقف اختلقت لتحبطك.

لا تبخس حقك بالتحدث عن إمكاناتك وقدراتك وإبداعاتك في الوقت المناسب والمكان المناسب.

دومًا اخلق المساحة التي تليق بوجودك، احتفي بكيانك، علق أحلامك على النجوم، ادفن عثراتك وحلق بلا توقف.

لا تبالي لكل من يعكر صفوك. طالما أنك لا تؤذي الآخرين ولا تؤذي نفسك فلا تبالي.

وحالما تسنح لك الفرصة أن تكون مؤثرًا خادمًا لمجتمعك ووطنك أينما كنت فلا تتأخر.

اجعل كيدهم، حقدهم، غيرتهم، حسدهم تحت قدميك وارتفع.

عش ذاتك بكل جديتها، عفويتها، مرحها، فرحها وحتى حزنها بما يليق بها وابتهج ولا تبالي.

مساحتك بهذا الوجود ملكك وحدك فما دمت في حدود ملكيتك عش مستمتعًا ولا تبالي.

فمن أبخس حق نفسه يخسه الآخرون.