التصاق لحد الافتراق!
من المهم أن يتعلم الإنسان تنظيم وقته وترتيب أولوياته، وعلى الرغم من كون مهارة تنظيم الوقت مهمة للإنسان من الصغر، إلا أن أهميتها تزداد مع ازدياد مسؤولياته.
لذلك، يتطلب قرار الإقدام على الزواج، فهم الشاب أن وقته لن يكون ملكه هو فقط يتصرف به كما يشاء، فقد أصبح مسؤولاً عن أشخاص آخرين وأصبحوا جزءاً منه، يشاركونه وقته وحياته.
في كثير من الأحوال، يحدث بعد الزواج أن تترك الزوجة دراستها أو وظيفتها للتفرغ للبيت والأسرة فيتوقف أقصى طموحها وأحلامها الشخصية عند باب المنزل لتهب نفسها ووقتها وحياتها بالكامل لأسرتها، بينما يخرج الرجل للعمل والبحث عن لقمة العيش، ثم يشعر بعد التعب، بالاستحقاق الكامل أن يقضي أغلب ما تبقى من وقته خارج المنزل بعيداً عن هموم المسؤوليات، وهنا يبدأ الصراع! يعتبر انشغال زوج أو الزوجين معاً عن حياتهما الأسرية مشكلة كبيرة، لكن التصاق الزوجين ببعضهما بعضاً بشكل مفرط يمكن أن يؤدي إلى مشاكل كبيرة على الصعيد الشخصي والأسري أيضاً.
من المتوقع ظهور بعض المشاكل الأسرية المعقدة عند انغماس الزوجين سوياً وكلياً في عالمهما الخاص دون أن يحتفظ كل منهما بجزء من حياته الشخصية ونشاطاته المستقلة التي يمارسها بمفرده أو برفقة صحبه بعيداً عن زوجه والأسرة. قد يؤدي التركيز الكامل على العلاقة الزوجية إلى إهمال النمو الشخصي لكل من الزوجين، مما قد يؤثر سلباً على تطورهما الفردي ويؤدي في النهاية إلى شعورهما بالإحباط من قلة الإنجازات الشخصية، مهما كانت العلاقة الزوجية سعيدة، تبقى الالتزامات الأسرية مسؤولية تتطلب الالتزام وتحتاج للكثير من الجهد والطاقة.
عدم ابتعاد الشخص مؤقتاً عن تلك المسؤولية والترفيه عن نفسه بعيداً عن تلك الالتزامات، لإنعاش نفسه وشحن طاقته من جديد، سيؤدي لاستهلاكه لنفسه. إن قضاء الوقت الكامل مع الشريك، دائماً يقابله إهمال العلاقات الاجتماعية الأخرى مثل الصداقات والعلاقات العائلية والذي سيتسبب في العزلة والانقطاع الاجتماعي. بمرور الوقت، سيؤدي التصاق الزوجين ببعضهما بعضاً، دون تحقيق التوازن المناسب بين الحياة الأسرية والاجتماعية، إلى انتكاس العلاقة وظهور الصراعات التي قد تؤدي لغربة الطرفين في الطلاق والافتراق، يجب على الزوجين تحديد أولوياتهما الشخصية والأسرية ونشاطاتهما التي تساهم في تحقيق توازن صحي في حياتهما، يجب أيضاً فهم ضرورة تخصيص وقت للأسرة، وقت للعمل، وقت لممارسة الهوايات والرياضة ووقت للقاء الأصدقاء، يجب أيضاً على الزوجين التواصل بشكل فعال حول احتياجاتهما الشخصية والأسرية والعمل على إيجاد حلول مشتركة لتحقيق التوازن المناسب الذي يعتبر أساسياً لضمان سعادة واستقرار الأسرة.