آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

لماذا يعتقد الناس بأنهم محقون حتى ولو كانوا مخطئين؟

عدنان أحمد الحاجي *

9 أكتوبر 2024

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 235 لسنة 2024

Why people think they"re right، even when they are wrong

October 9,2024

توصلت دراسة إلى أن الناس قد يعتقدون حطأً أنهم يملكون كل الحقائق

لو أنت غير متأكد من رأيك في إحدى القضايا؟ تأكد من أن لديك بالفعل كل الحقائق قبل أن تأخذ قرارًا بشأنها!

إذا اعتقدت بشكل متعجرف أنك على حق في خلافك مع صديقك أو زميلك، فإن دراسة جديدة تقترح لماذا قد تكون بالفعل مخطئًا.

وجد باحثون أن الناس يفترضون بطبيعة الحال أن لديهم كل المعلومات التي يحتاجونها لاتخاذ قرار أو دعم مواقفهم وآرائهم، حتى عحين لا يملكون الحقائق الكافية. وقد أطلق الباحثون على هذا الظاهرة اسم ”وهم كفاية المعلومات.“

وقال المؤلف المشارك في الدراسة أنغوس فليتشر Angus Fletcher، أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة ولاية أوهايو وعضو في مشروع دراسات السرد بالجامعة [1]  ”لقد وجدنا أن الناس، بشكل عام، لا يصبرون حتى يتأملوا فيما إذا كان هناك مزيد من المعلومات التي من شأنها لو توفرت أن تساعدهم على اتخاذ قرار أكثر استنارة بتلك المعلومات الكافية.“

”لو أعطيت بعضهم بعض المعلومات منسجمة مع قناعاتهم فإن معظمهم سيقولون“ هذا ما نحتاجه ويكتفون بها. "

نُشرت الدراسة [2]  في 9 أكتوبر 2024 في مجلة PLOS ONE. أكمل فليتشر الدراسة بالتعاون مع مؤلفين اشاركين هما هانتر جيلباخ Gehlbach Hunter في علم النفس التربوي في كلية التربية بجامعة جونز هوبكنز، وكارلي روبنسون Carly Robinson، باحثة أولى في كلية الدراسات العليا للتعليم بجامعة ستانفورد.

وشملت الدراسة 1261 شخصًا شاركوا عبر الإنترنت.

تم تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات قرأت مقالاً عن مدرسة متخيلة تفتقر إلى إمدادات مياه كافية. قرأت إحدى المجموعات مقالاً قدم فقط جزء المعلومات تتعلق بالأسباب التي تدعو إلى دمج هذه المدرسة مع مدرسة أخرى تتوفر فيها كميات مياه كافية؛ ومقالة قرأتها المجموعة الثانية فيها جانب آخر من المعلومات تتعلق فقط بالأسباب التي تدعم عدم دمج المدرستين «بقاء المدرستين منفصلتين» على أمل إيجاد حلول أخرى؛ ومجموعة ثالثة ضابطة قرأت جميع المعلومات «الحجج» المؤيدة لدمج المدرستين أو التي تؤيد عدم الدمج.

وأثبتت النتائج أن المجموعتين اللتين قرأت كل منهما المقال، الذي بحوي فقط نصف المعلومات - إما الذي يحوي الحجج المؤيدة لاندماج المدرستين أو الحجج المعارضة لاندماجهما - ما زالتا تعتقدان أن لديهما ما يكفي من المعلومات لاتخاذ القرار الجيد، كما قال فليتشر. وقال معظمهم إنهم سيتبعون التوصيات الواردة في المقال الذي قرأوه.

وقال فليتشر: ”أولئك الذين حصلوا على نصف المعلومات فقط كانوا في الواقع أكثر ثقة في قرارهم باندماج المدرستين أو بعدم إندماجهما من المجموعة الثالثة «المجموعة الضابطة» التي لديها القصة «المعلومات» الكاملة“.

”لقد كانت المجموعتان الأولى والثانية متأكدتين تمامًا من أن قرارهما كان هو القرار الصحيح، بالرغم من أنه لم يكن لديهم جميع المعلومات.“

بالإضافة إلى ذلك، قال المشاركون في المجموعتين الأولى والثانية اللتين حصلت كل منهما على نصف المعلومات إنهم يعتقدون أن معظم الأشخاص الآخرين سيتخذون نفس القرار الذي اتخذوه.

وقال فليتشر إن هناك معلومة جيدة من معلومات الدراسة. بعض المشاركين الذين قرأوا جانبًا واحدًا فقط من القصة قرأوا لاحقًا حجج الجانب الآخر. وكان الكثير من هؤلاء المشاركين على استعداد لتغيير رأيهم بشأن قرارهم، بمجرد حصولهم على كل الحقائق المتعلقة بالقرار.

وقال إن هذا قد لا يتحقق في كل مرة، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الأيديولوجية الراسخة. في تلك الحالات، قد لا يثق الناس بالمعلومات الجديدة، أو قد يحاولون إعادة صياغتها لتناسب وجهات نظرهم السابقة.

"لكن معظم الاختلافات بين الناس لا تتعلق بالأيديولوجية.“بل بمجرد سوء فهم في سياق الحياة اليومية، ”كما قال فليتشر.

وأوضح فليتشر أن هذه النتائج تقدم اضافة للدراسة عما يسمى بالواقعية الساذجة [مصطلح الواقعية الساذجة Naïve realism يعني الميل البشري للاعتقاد بأننا نرى العالم من حولنا بموضوعية «أي بالحقيقة الموضوعية»، وأن الذين يختلفون معنا لا بد أن يكونوا غير مطلعين أو غير عقلانيين أو متحيزين [3] ]. غالبًا ما تركز الأبحاث التي تتناول الواقعية الساذجة على مدى اختلاف فهم الناس لنفس الحالة.

ولكن ”وهم كفاية المعلومات“ يبين أن الناس قد يكون لديهم نفس الفهم  إذا كان لدى كل منهما القدر الكافي من المعلومات.

وقال فليتشر، الذي يدرس كيف يتأثر الناس بقوة السردية [4] ، إنه لابد للناس من التأكد من أن لديهم المعلومات الكاملة عن الموضوع قبل أن يتخذوا موقفًا مؤيدًا أو معارضًا له أو يتخذوا قرارًا بشأنه.

وقال: ”كما وجدنا في هذه الدراسة، أن هناك وضعًا افتراضيًا يعتقد الناس فيه أنهم يعرفون كل الحقائق ذات العلاقة، حتى لو لم يعرفوا إلَّا جانبًا منها“.

”الخطوة الأولى التي عليك أن تتخذها عندما تختلف مع أحدهم هي أن تتساءل هل هناك معلومة غير متوفرة لديك من شأنها لو توفرت أن تساعدك على رؤية وجهة نظر هذا الآخر الذي تختلف معه وفهم موقفه بشكل أفضل؟ هذا هو الأسلوب السليم لمحاربة“ وهم كفاية المعلومات. "