الأسرة ودورها في الالتزام المدرسي
في بادئ ذي بدء الشكر لله وحده على ما أنعم به علينا من أمن وأمان، وخص أمتنا بالإسلام والإيمان، وكذلك بالتسليم والاعتقاد كما يزداد شكرنا لله - جل في علاه - على ما مَنَّ به علينا من فضائل عدة ومآثر جمة ليس لها حدٍ محدود، ولا وصف موصوف، ومهمها نسجنا الكلمات وعبرنا بما يجول بخواطرنا من أفكار وحكايات وما تختزله مشاعرنا وعقولنا من مفردات نستلهمها من روايات وأحداث، وبعد هذا فلن نتمكن من أن نصف ما وصلنا إليه من عظيم المفاخر وجزيل المحاسن تجاه بلادنا المباركة بعد توفيق الله ومننه.
ومِن هذا المنطلق فإن الجميع يسمع ويرى واضحا جليا أن مملكتنا المحروسة بعين الله ثم بقيادة ولاة أمرها قد هيأت كل ما من شأنه توفير مناخ مناسب وسبل متنوعة ملائمة لتيسير الحصول على العلوم والمعارف بجميع أصنافها؛ وبالتالي ننمو ونرتقي في الجانب الخلقي والعلمي سويا من خلال إيجاد محيط تربوي مجهز بما يلزم، ويلبي ما لدينا من ميول وإرادة تسهم بشكل فاعل في صنع مستقبل مبدع مشرق وبهيج بإذن الله تعالى؛ لنكون فيه أفرادا مؤثرين فاعلين اجتماعيا ومشاركين في تأسيس صورة إطارها العام أقرب لإبداعات فائقة مزخرفة بألوان بارزة متداخلة ومتناسقة كأنها لوحة فنية حاكتها ريشة رسام برع وأتقن في تجسيدها، وكأنها تضم في طياتها حزمة من القيم السامية مصوبة فوهتها تجاه ضوابط وسلوكيات ذات قيم إنسانية وأخلاقية أكثر جمالا وجودة.
في حقيقة الأمر وما إن أردنا أن نشيد وطنا مقتدرا مكينا نحلق به في سماء النجومية والمهارة لهذا يستلزم الحال بل يتطلب في واقع الأمر الكثير من الجهد والمثابرة والأخذ بعين الاعتبار أن الالتزام والمشاركة في تعمير الوطن يقتضي منا جميعا - ونقصد هنا جميع الأسر وعلى رأسها الآباء المحترمون والأمهات الكريمات - تجاه أشبالنا الأعزاء التوجيه والنصح الرشيد والحرص المستدام بما يخدم العملية التعليمية والسلوكية وذلك بالبعد عن كل ما يعطل مسيرة التقدم والنمو بوجهها العام وذلك بمحاربة وممانعة تلك الثقافات الخاطئة الظلامية التي ما أنزل الله بها من سلطان بل بفكر البعض منا ومن تلقاء أنفسنا صنعناها حتى باتت ثقافة راسخة بل أصبحت جزءا اعتياديا من تصرفاتنا اليومية وهذا بطبيعته عمل ليس محمودا على الإطلاق ولن نجني من خلاله إلا خيبة الآمال والانحدار السلوكي والأخلاقي وكذلك فقدان العديد من المكتسبات الملحة الضرورية لتطوير ذواتنا فكريا وعلميا وأدبيا وثقافيا وغيرها الكثير.
إذا وبما أن العملية التعليمية برمتها المستهدفون فيها بالمقام الأول هم أبناؤنا الأعزاء بكل ما يعد ويقدم في المراحل العمرية المختلفة بدءا من رياض الأطفال ومرورا بمدارس التعليم العام حتى نصل للمرحلة الجامعية ومن ثم المستويات العليا كالماجستير والدكتوراه حتى يستقر بنا الحال للانخراط في عالم الوظائف الذي يجعل الانضباط والمثابرة عاملين أساسيين وعمودين جوهريين للمشاركة في بناء الوطن ونمو اقتصاده وتحقيق أمنياته بغية الوصول لما يمكننا من الحصول على مقاصدنا وطموحاتنا المنشودة.
لذا بناء على ما تقدم نستنتج أن الانضباط بشكله العام في جميع مناحي حياتنا وخصوصا ما يتعلق بالجانب المدرسي والتربوي والأخلاقي وما يعززه من قيم حسنة لتنظيم الوقت والانتظام وأهميته البالغة في تقويم سلوك الشخوص والمجتمعات ناهيك عن غرس الشعور بالمسؤولية لدى الأبناء وأولياء الأمور وبالتالي تحقيق الريادة العالية والمرجوة مما يجعلنا نصل لنتائج باهرة وساطعة تجاه الناشئة من بنين وبنات لنتمكن في نهاية المأمول من بلوغ المحددات الرئيسة والمبتغاة لمجتمعنا مما ينعكس إيجابا على نمائه وانتعاشه وتطوره وبلوغ ذروة طموحاته وتطلعاته.
عزيزي القارئ وقبل الختام نقول إن المبادئ الحقيقية التي يجب أن نؤكد على إيجادها وتنميتها في نفوسنا وغرسها في نمط تفكير فلذات أكبادنا وبالتالي محيطنا الواسع ونرمي هنا إليها هي صفة الالتزام في عموم محطات حياتنا ومنها على وجه التخصيص الانضباط المدرسي في أروقة مدارسنا حتى نتمكن من صنع وبناء أجيال مقتدرين بارعين وحاذقين ذوي عقول نيرة راشدة ووازنة يعول عليهم في التأسيس والتطوير، وبذلك نرد شيئا ضئيلا وقليلا من الجميل التي بذلته حكومتنا - رعاها الله - في كل ما قدمته لأبنائها المخلصين من تقديم وسائل التأهيل وإتاحة الفرص لتلقي تعليم مجاني متكامل بل يمنح طلاب المراحل الجامعية دعما ماديا ومكافآت مجزية ناهيك عن تقديم خدمات جليلة لا مثيل لها ولا يمكن الحصول عليها إلا في بلدنا المملكة العربية السعودية، أضف إلى ذلك الدعم تجاه تشييد الجامعات والمعاهد ومراكز البحوث بجميع تخصصاتها المنتشرة في جميع أرجاء البلاد الواسعة والتي من خلالها يستطيع الطالب السعودي ولله الحمد الحصول على تعليم عال متقدم للوصول بهم في نهاية المطاف إلى أعلى درجات القدرات والتمكين العلمي والعملي في شتى الميادين ليكونوا عونا وسندا وذراعا متينا وذا جودة عالية لترتقي بهم مملكتنا وتسمو وتتباهى وتفاخر الأمم من حولنا بما قد تم إنجازه وعلا مكانه.
الله سبحانه وتعالى نسأل أن يوفق أحبتنا الأبناء فتية وفتيات وأن يأخذ بأيديهم لطريق الحق والصواب وأن يحرسهم بعينه التي لا يخفى عليها شيء في الأرض ولا في السماء، اللهم اشرح لهم الصدور وسهل لهم الأمور، اللهم يسر عليهم ولا تعسر، اللهم سدّد خطاهم لما تحب وترضى إنك، ولي ذلك والقادر عليه.