صوب الرياض
تشير الساعة في مطار الملك فهد الدولي إلى السادسة صباحًا كل شيء يبدو هادئًا واعتياديًا إلى أن وصلت إلى موظف تسجيل الرحلات ووجدت أرسطو يقف خلفه بهدوء ينظر إلى شاشة الحاسب ويرتب أوراقه بابتسامة حكيمة سلمني بطاقة الصعود إلى الطائرة وقال: «كل شيء له غاية، وهذه الرحلة قد تكون غايتها أعمق مما تتصورين».
وكان في مقدمة المستقبلين عند البوابة أفلاطون يُلقي خطبته الافتتاحية حول عوالم المثُل بينما كان سقراط يتجول بين المقاعد يطرح تساؤلات لا تنتهي ويحث الركاب على التفكر. هناك في زاوية مقصورة الدرجة الأولى كان نيتشه يتحدث عن الإرادة والقوة بينما كانت إيملي ديكنسون تقدم المشروبات بابتسامة خجولة وهدوء شاعري.
حلقت الطائرة نحو الرياض في جوٍ مليئ بالحوارات الفلسفية العميقة والشعرية المدهشة بينما كانت فرجينيا وولف تكتب ملاحظاتها عن الرحلة وكأنها تصوغ روايةً أخرى من واقع الخيال.
إيمانويل كانط، كان يتحدث ويعيد ترتيب أفكارنا حول الأخلاق والعقل في حواراته الهادئة مع جون بول سارتر والذي كان يناقش ماهية الحرية والوجود. بينما كان هيغل يجلس بجانب النافذة يراقب السحب ويتحدث عن جدليته الشهيرة حول التطور التاريخي للفكر.
من الشعراء كانت سافو، شاعرة الحب والإلهام اليونانية تتحدث بلطف مع أبو الطيب المتنبي الذي كان يسرد قصائده المفعمة بالحكمة والفخر.
إدغار آلان بو كان يجلس في المقاعد الخلفية يتأمل في ظلال الحزن والغموض ويكتب قصيدة جديدة على ورقة بالية.
وفي الجناح الفلسفي رينيه ديكارت يشرح أفكاره عن العقل والوجود لـ مارتا نوسباوم التي كانت تتحدث عن الفلسفة الأخلاقية وعمق العواطف الإنسانية. كونفوشيوس كان يقف بوقار يلقي بنصائحه الحكيمة حول الفضيلة والحياة حتى أضاءت لوحة العودة إلى المقاعد استعدادًا للهبوط ولاح لي وجه الرياض في مرايا السحب
في مطار الملك خالد الدولي كان في استقبالي دويستوفسكي رافقني إلى المعرض بقصصه العميقة عن النفس البشرية ولم أشعر بالوقت بالرغم من الازدحام في مدينة الرياض.
عند بوابة الضيوف المدعوين وقف شكسبير بابتسامته الهادئة يستقبلنا، مع طابور طويل من أعظم الأدباء والمفكرين الذين تحلقوا حولي وكأنهم يعزفون سيمفونية من الأدب والحكمة.
كل الامتنان لوزارة الثقافة وللوزير المتألق الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وكل الشكر لهيئة الأدب والنشر على هذا التنظيم والحفاوة والترحيب.
دامت السعودية تقرأ..