كل يرى الناس بعين طبعه
يعاني مجتمعنا من نماذج بشرية ذات سلوك خاطئ تعيش بين ظهرانينا لتبث سمومها الهدامة في نخر المجتمع وتفكيكه وتمزيقه بخلق الاتهامات والافتراءات التي تمزق العلاقات بين شرائح المجتمع بدلا من التروي وأخذ الأمور بعقلانية، ولكن الصلف والكبرياء والغرور يأخذهم على غير الجادة في عدم الإنصاف في وجهات نظرهم من كيل الاتهامات بل وتثبيتها عند حدوث قضية ما رآها من جانب سلبي في حق إنسان بريء لم يعط الفرصة في كيفية الدفاع عن نفسه، بل يخرسه برفع الصوت مع التهديد والوعيد؛ لأنه يراه الحلقة الأضعف لوضعه الاجتماعي والعائلي، فيكيل ما يكيل من تلك الكلمات الجارحة لمن لا حول له ولا قوة.
ينطبق هذا الواقع على حسب المثل الشائع: كل يرى الناس بعين طبعه، هذه عادة خطيرة ما أن يتقمصها شخص شكاك حتى في أقرب المقربين إليه ليعطي نفسه هالة من الدفاع عن القيم والأخلاق والفضيلة التي فقط يراها في نفسه المريضة والمتزعزعة لخلق العداوات والفتن بين الناس، وأنه ذلك الرجل المثالي الخالي من العيوب، ولو بحثت في تاريخه لوجدته أكثر الناس سلبية وعيوباً ولكنه يتجاهلها ويتغاضى عنها، ثم تراه يصب جام غضبه على إنسان بريء قد يكون وقع في خطأ غير مقصود أو متعمد وفجأة، ومن غير سابق إنذار يضع ذلك البريء في موقف لا يحسد عليه، ولا يعطي فرصة للدفاع عن نفسه وكأنما وقع في كماشة لا مجال للخروج منها، فيتهاوى نفسيا ويتألم جسديا، فحذار من هذه النوعيات التي تعشعش بيننا وكشف ألاعيبها أمام الرأي العام وعدم ترك المجال مفتوحا، بل مواجهتها بالحقائق الدامغة وكشف ادعاءاتها وتذكريها بتاريخها لتكون صفعة في لجم أباطيلها وإتهماتها لسد باب نحن أحوج ما نكون إلى إقفاله إلى الأبد.