معنى أن يكبر الطفل في بيت به كتب
ماذا لو ولد وتربى الطفل في بيت مليء بالألعاب؟ ماذا لو ولد في بيت تحيط به الأجهزة الذكية من كل جانب؟ وماذا لو تربى في بيت فيه جميع اشتراكات القنوات المدفوعة؟ ثم ماذا لو تربى في بيت تتوزع فيه الكتب من كل نوع وفي كل مكان؟
تعد نشأة الطفل في بيت يحتوي على كتب من أهم عوامل رفع مهاراته وقدراته ومستواه الثقافي في مستقبل حياته؛ هذه كانت خلاصة تحليل بيانات من بحث أجري في الجامعة الوطنية الأسترالية ونشرته صحيفة الغارديان البريطانية «18 أكتوبر 2018».
وشملت هذه البيانات 160 ألفَ شابٍّ بالغٍ في 31 دولة حول العالم، وقد خلص التحليل إلى أن وجود مكتبة كبيرة نسبيًّا في البيت يمكن أن تعطي تاركي الدراسة «من عمر 13 إلى 14 سنة» مهارات مساوية لخريجي الجامعات الذين لم يقرؤوا. ويحدد هذا البحث حجم المكتبة المقصودة بثمانين كتابًا. وقد سئل جميع المشاركين في البحث عن عدد الكتب التي كانت في بيوتهم عندما كانوا في سن السادسة عشرة فتبين أن معدل عدد كتب المكتبات المنزلية للمشاركين من تركيا مثلًا كان 27 كتابًا، في حين كان 143 في المملكة المتحدة، و218 في أستونيا، وكان تأثير ذلك كبيرًا.
وقد وجد الباحثون كذلك أن المراهقين الذين يكبرون في بيوت لا كتب فيها كانت مستوياتهم تحت المعدل العام من حيث القراءة والكتابة والقدرات الحسابية.
وهكذا فإنه بناء على هذه الدراسة يعد مجرد وجود الكتب في البيت أكبر محفز للقراءة والاطلاع ولرفع مستوى ساكنيه، فكيف لو كانت هناك أمور أخرى تشجع عليها؛ كوجود قدوة «أب أو أم أو أخ أو أخت أو قريب» يرونها ممسكة بالكتاب كل يوم؟ وكيف لو قرأ هؤلاء للأطفال حتى قبل أن يتعلموا النطق والكلام؟ وماذا لو تم تشجيعهم على الإمساك بالكتب وقراءتها؟ وأخيرًا ماذا لو وجدوا أمامهم نماذج ناجحة لقراء شقوا طريقهم في الحياة بنجاح وثبات؟
وهنا لا يمكننا أن نزعم أن الاكتفاء بوجود الكتب في بيوتنا كاف للتشجيع على القراءة، لكنه أحد دوافع ذلك، جنبًا إلى جنب مع عوامل أخرى اجتماعية واقتصادية وتعليمية، وحتى المناخ العام في المجتمع يمكن أن يدفع إلى ذلك. فلا بد أن تتضافر هذه الأمور لكي تخلق وتنمي حالة الاهتمام بالقراءة وبالكتب لدى الجيل الجديد الذي تتجاذبه قوى من نوع آخر أسهل منالًا وأكثر بريقًا من القراءة، ليس أقلها الأجهزة الذكية والألعاب ووسائل التواصل الاجتماعي.