قراءة مع وقف التنفيذ
تستخدم عبارة «مع وقف التنفيذ» في بعض دول العالم غالبًا في الأحكام القضائية حين تقضي المحكمة على شخص بالسجن في الحق العام لكنها توقف تنفيذه بناء على اعتبارات عدة؛ منها أخلاق المحكوم عليه، أو عمره، أو ماضيه الجيد، أو حتى لظروفه الشخصية، أو منزلته الاجتماعية، وعادة ما تكون مدة الحكم المعنية لا تزيد على السنة.
أما ما يعنينا في هذا المقال فهو شراء الكتب وتكديسها وعدم قراءتها. وتعود أسباب هذا السلوك عند بعضهم إلى شعور بأهمية القراءة، إما بسبب ضغوط خارجية أو بسبب أصدقاء محبين للقراءة، أو الرغبة في القراءة مع عدم القدرة عليها في الوقت الراهن على أمل أن يأتي ذلك الوقت الذي يستطيع صاحبها ذلك، أو أن الشراء كان منذ البداية للتباهي بها ليس إلا.
وينطبق على هؤلاء قول الشاعر:
بِبَيتِ الشَّيخِ كُتْبٌ قد شراها
وجمَّعها ولكنْ ما قراها
وطابتْ نفسُهُ منها بسلوى
إذا فتح المكانَ بأن يراها
وينظر في قطائعها ويمضي
وهل تدري القطائع ما وراها؟
فوا أسفا على الأيام تمضي
سدى وقضى على نفسي كراها
نعم نرجو الإله يمن لطفـًا
فيمنحها الشفا مما اعتراها
وإذا كان الوضع هكذا فهل البديل هو عدم شراء الكتب؟
بالتأكيد لا يمكن أن ننصح بذلك، لأن مصير هذه الكتب في الغالب هو القراءة ولو بعد مدة، إما من قبل من اشتراها، أو حتى من قبل آخرين قد يقعون عليها ويقرؤونها قريبًا أو بعيدًا، وربما يأتي من يقرأ منها ولو بعض الفصول أو الصفحات، حتى لو كان ذلك بعد وفاة مشتريها.
شخصيًّا اشتريت بعض الكتب وقرأتها بعد عشرين وثلاثين وأربعين عامًا، ولم أندم قط على شراء أي كتاب سوى بعض الكتب التي توقعتها في مجال معين وتعجلت في شرائها فتبين لي أنها في مجال آخر لا يستهويني ولا يهمني من الأساس؛ الآن ولا في المستقبل.
فلنشترِ الكتب التي تعجبنا، ولو في أغلفتها أو شكلها، ثم لنترك الزمن يقرر ما نقرأ منها، ولربما استفاد منها آخرون كأبنائنا أو أقاربنا، فللكتب أرواح كما يقال، وبها طاقة إيجابية تبثها في القريبين منها ربما حتى دون قراءة، فكيف إذا قرئت؟ كما أنها تظل تنادي من يمر بالقرب منها أن يتناولها ويتصفحها، وربما صادف ذلك النداء من يستمع إليه ويستجيب له.
”تظل الكتب وإن لم تفتح أجمل ما يزين البيت“.
- ويل سميث