اقرأ نفسك!
أحيانا فن الإصغاء لمن حولك يمنحك رؤية ما لا يبصره الجميع، فهناك تصبح النظرة الخاطفة ومرآة تعكس عواطف القلب، فتروي قصصًا مخبأة بين طيات الصمت، نظرة تائهة في الأفق البعيد، تكشف تفاصيل وخفايا تلك النفوس، وكأنك تقرأ كتابًا خط بلغة خفية لا ترى تحتاج إلى عين ثاقبة وقلب متأمل لقراءة ما وراء الكلمات، فهذه القراءة تقوم على ملاحظة وتحليل أدق التفاصيل في السلوكيات والحركات الجسدية وتعابير الوجه، وتعتبر هذه القراءة جزءًا من الذكاء العاطفي، الذي يتميز به البعض.
فهذا النوع من الذكاءات متعب جدًا؛ لأنه يقرأ من حوله كقراءته للكتاب، بعض هذه الكتب لا قيمة لها مجرد رقمًا وتحمل محتوى ركيك، وبعضها ذا قيمة ثمينة ونادرة، عميقة المعاني.
أبدأ بقراءة نفسك أولًا قبل قراءة الآخرين لتعرف من أي صنف أنت.
بعض الكتب متعبة لدرجة الإرهاق لا تعرف صدقها من كذبها، لكنك مضطر لاستكمال قراءتها لتكون فكرة حولها، فتتجنب التعامل معها في سائر الأيام، وإن أجبرتك الظروف على التعامل معها، تكون في حالة من الحيطة والحذر.
أحيانا يضع القدر في طريقك أشخاص هم بمثابة العملة النادرة تقرأهم بقلبك قبل عينك، تأنس إلى أرواحهم المتفردة التي لا يشبهها شيء وجودهم في هذه الحياة معزوفة جميلة هادئة لا يعرفها إلا رهيفي الإحساس، بعيدون كل البعد عن العالم الصاخب، لا يحتاجون إلى ضجيج ولا أضواء للفت الانتباه إليهم أو لإثبات وجودهم، فهم يدركون أن في هدوئهم تكمن الحياة، يغيرون ما حولهم بصمت، كالطبيعة التي تحدث تغيراتها بهدوء، ودون أن يحس بها أحد لتعطي الحياة للكائنات،
إنهم نسخ يتفردون بطابع لا يمكن تقليده، وكأن الحياة استخلصتهم من أجود عصارتها.