ما الصور الذهنية وما فوائدها؟
بقلم لين غوتييه أستاذ مشارك في العلاج الطبيعي وعلم الحركة، وجيابين شين، أستاذ مساعد في علم النفس، جامعة ماساتشوستس لويل
26 أغسطس 2024
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 191 لسنة 2024
What is mental imagery? Brain researchers explain the pictures in your mind and why they"re useful
Lynne Gauthier Associate Professor of Physical Therapy and Kinesiology، and Jiabin Shen، Assistant Professor of Psychology، UMass Lowell
August 26,2024
بعض الناس يستطيعون تصور الأشياء ذهنيًا وبعضهم لا يستطيع ذلك
تخيل أنك في مباراة كرة قدم، والنتيجة كانت تعادل للفريقين. سيبدأ كل فريق في تنفيذ ركلات الجزاء. المدرجات تهدر بأصوات الجمهور، ما إذا كان لدى فريقك الفرصة بالفوز بالمباراة يعتمد على قدرة لاعبيه على تسديد الركلات. وأنت تتخيل هذا المشهد، هل تستطيع تصور السيناريو بالألوان والتفاصيل؟
يبذل الباحثون قصارى جهدهم في محاولة فهم السبب الذي يجعل بعض الناس قادرين على تصور هذه الأنواع من السيناريوهات بسهولة أكثر مما يتصور الآخرون. حتى الشخص نفسه قد يختلف في قدرته على تصور الأشياء ذهنيًًا من وقت إلى آخر، حيث قد يكون تصوره الذهني لبعض الأشياء أفضل في وقت وقد يكون أسوأ في وقت آخر.
باعتبارنا باحثَي علم أعصاب في مجالي العلاج الطبيعي وعلم النفس، فكرنا في كيف يستخدم الناس الصور الذهنية [1] . هذا ما يعرفه الباحثون حتى الآن عن تلك القدرة
الدماغ والصور الذهنية
الصور الذهنية [2] هي القدرة على تصور الأشياء والسيناريوهات [تصورًا مجردًا] في الذهن «العقل»، دون الحاجة إلى وجود مدخلات حسية بالفعل.
على سبيل المثال، عندما تفكر في أفضل أصدقائك، قد تتخيل وجوههم تلقائيًا في ذهنك دون أن تراهم أمامك رؤية فعلية. عندما تحلم بإجازة قادمة، قد ترى نفسك على شاطئ مشمس.
الذين يحلمون بتنفيذ ركلات الجزاء بعد التعادل قد يتخيلوا أنفسهم وكأنهم يشاهدون مقطع فيديو لهذه الركلات في أذهانهم. حتى أنهم قد يشمون رائحة عشب أرض الملعب الأخضر أو يسمعون أصوات المشجعين الهادرة.
يعتقد الباحثون أن القشرة البصرية [3,4]، الواقعة في الجزء الخلفي من الدماغ، معنية بالتصور الداخلي [وهو التمثيل العقلي للواقع الخارجي] [6,5]. هذه المنطقة هي نفسها من الدماغ التي تعالج المعلومات المرئية التي تدخل عبر العين وتجعلك قادرًا على رؤية ما حولك.
تؤثر القشرة البصرية في الصور البصرية والدهنية
وهناك منطقة دماغية أخرى [7] ، تقع في الجزء الأمامي من الدماغ، لها دور أيضًا في التصور الذهني. هذه المنطقة، التي تسمى قشرة الفص ما قبل الجبهي [8] ، مسؤولة عن الوظائف التنفيذية - والوظائف التنفيذية هي مجموعة من المهارات العقلية عليا تسمح بالتركيز، والتخطيط والتنظيم والتفكير.
تتحكم قشرة الفص الجبهي في الوظائف التنفيذية
وجد العلماء أن مثل هذه المهارات مرتبطة، إلى حد ما على الأقل، بقدرة الفرد على التصور العقلي. إذا كان أحد الأشخاص جيدًا في الاحتفاظ بكميات كبيرة من المعلومات ومعالجتها في ذهنه، فبإمكان هذا الشخص اللعب بأشياء كالأرقام أو الصور في ذهنه حتى وهو مشغول بأشياء أخرى.
التعرض والتذكر
تنشط معظم مناطق الدماغ نفسها أثناء التعرض لحدث «المرور بحدث» ما وأيضًا عندما تتخيله من ذاكرة في ذهنك. على سبيل المثال، عندما تشاهد جمال وادي غراند كانيون «اسم وادٍ عميق في أمريكا»، يكوِّن دماغك ذاكرة لهذه الصورة. لكن تلك الذاكرة لا تُخزن «لا يُحتفظ بها» ببساطة في موضع واحد في الدماغ. تتكون هذه الصورة عندما تنشط [عندما يحدث هناك فعل جهد fire ل] آلاف خلايا الدماغ العصبية «العصبونات» معًا في مناطق مختلفة من الدماغ [9] . لاحقًا، عندما يكون اسمع صوتًا أو تشم رائحةً أو تشاهد صورةً لتلك التي حدثت لك في السابق، فمن شأنها أنها تثير الذاكرة من جديد، وتنشط «يحدث فعل الجهد ل» شبكة عصبونات الدماغ مرة أخرى، وقد تتخيل وادي غراند كانيون في ذهنك بوضوح تام كما لو أنك تشاهد هذا الوادي أمام ناظريك.
فوائد الصور الذهنية
القدرة على التصور الذهني قد يكون مفيدًا. لاحظ مظهر تركيز لاعب الجمباز على وجه قبل البدء في المباراة. لاعب الجمباز نفسه كان حينها على الأرجح يتخيل أنه يقوم بتنفيذ حركات الحلقات بدقة [10] في ذهنه. يقوم هذا التصور بتنشيط مناطق الدماغ نفسها كما لو كان يقوم بأداءٍ بدني على حلقات الجمباز، مما يؤدي إلى توطيد ثقته وتهيئة دماغه لتحقيق فرص فوز أفضل.
الصور الذهنية قد تساعد الرياضيين على تنفيذ حركات صعبة
باستطاعة الرياضيين توظيف التصور لمساعدتهم على اكتساب المهارات بسرعة أكثر وبأقل قدر من التمزق في الأنسجة [11] . باستطاعة المهندسين والميكانيكيين توظيف التصور الدهني لمساعدتهم على تصميم المعدات أو إصلاحها.
قد يساعد التصور الذهني أيضًا الناس على تعلم كيف يعيدون تحريك أطرافهم مرة أخرى بعد إصابة تعرضوا لها في الدماغ [12] . بيد أنه حتى أولئك الذين لا يوظفون التصور الذهني سوف يتعافون في نهاية المطاف حتى لو لم يوظّفوا التصور الذهني [13] .
التأثير المتبادل بين الطبيعة والتنشئة
لن تفقد كل شيء لو واجهتك صعوبة في التصور الذهني. من الممكن أن تكون القدرة على التصور الذهني هي تأثير مركب من طريقة عمل دماغك وتجارب الحياة التي راكمتها.
على سبيل المثال، سائقو سيارات الأجرة في لندن يحتاجون ألى خارطة شوارع لندن المعقدة جدًا في أذهانهم، وقد وجد الباحثون أنهم يتعرضون لتغييرات في بنية أدمغتهم طوال حياتهم المهنية. وعلى وجه الخصوص، يزداد حجم منطقة الحصين في الدماغ، الحصين منطقة دماغية لها علاقة بالذاكرة. يعتقد الباحثون أن التدريب الذي خضع له سائقو سيارات الأجرة في لندن الذين اضطروا إلى تصور خريطة للشوارع المعقدة في لندن أثناء عملهم اليومي - جعلهم أفضل في التصور الذهني من خلال التغييرات التي طرأت على حجم منطقة الحُصين في أدمغتهم [14] .
ومشاهدتك لشخص آخر يقوم بعمل بدني من شأنه أن ينشط مناطق الدماغ نفسها وأنت تكوِّن صورك الذهنية الداخلية «التمثيل العقلي» [6] . لو أردت أن تكون قادرًا على القيام بنشاط ما، مشاهدة مقطع فيديو لشخص آخر يقوم بنفس النشاط قد يكون مفيدًا لك تمامًا كفائدة تصور نفسك ذهنيًا وأنت تقوم بنفس النشاط. لذلك، حتى لو واجهت صعوبات في قدرتك على التصور الذهني، فهناك أساليب أخرى يمكن من الإستفادة منها.