تصفير المشاكل
معادلة تصفير المشاكل، الحقيقة هي معادلة صعبة من الناحية النفسية والمعنوية والمالية والاجتماعية والأسرية كذلك، وليست مرحلة بسيطة وهينة وسهلة التكون، أو أنها شخصية فقط ولدت لتكن مرنة، وبسيطة وسهلة المراسِ، أو أنها شخصية فُطرت على اللين، لأ بل هي تربية نفسية، وفي الحقيقة هي محاولة تكرار تعلم وتدريب النفس على اللين والبساطة والمرونة، ومحاولة تدريب النفس والعقل على محاول شذب وجذب ردات الفعل السلبية وتحويلها بكل يسر ومرونة إلى ردات فعل إيجابية تخدم مصالحي وتخدم صحتي وتخدم حياتي وتنمي قدراتي، وتطور من ذاتي الشخصي..
حينما تدرب وتطوع نفسك على تنمية المهارات الإيجابية والسلاسة في التعامل، والتعامل بليونة مع كل مشكلات الحياة، ومحاولة امتصاص الصدمات بكل تقدير وقدرة، فهذه فنون ليست بسيطة، وليست سهلة، وفيها كتم الغيظ، وكتم التوتر، ومحاولة تدريب النفس على الصبر والهدوء في أصعب المواقف التي تتطلب منك ردة فعل عصبية أو توتر في حينه، فهذه بلا شك مهارات وقدرات، وفنون سوف تقدم وتنمي شخصيتك وتعاملاتك وتخلص إلى تمايز واستثنائية لك في العلاقات المحيطة بك..
تصفير المشاكل هي مرحلة من مراحل العمر قد تبدأ قبل سن الأربعين بعدد التجارب والمسؤوليات الملقاة على عاتق الشخص، وبعدد الشخصيات الحكيمة والناضجة التي كان يحتك بها الشخص في طوال مسيرته منذ بلوغه الحلم وحتى وصل للمرحلة العمرية التي نضجت غصونه، وقد تبدأ من سن الأربعين وصاعداً، وهي تعني يبدأ الشخص بالنضج وتكون الحكمة والبلوغ المفهومية والوعي بشكل يمكنه من استيعاب محيطه وظروفه ووقته وحياته..
تصفير المشاكل تتكون في مرحلة عمرية حيث يبدأ الشخص بحسابات دقيقة وحسابات عقلية وشخصية وآنية، لحساب الوقت وحساب المال وحساب الجهد وحساب التضحية وحساب الطاقة وحساب القدرة، والنتيجة النهائية وحساب كل شيء يدور في فلك حياته الشخصية ومحيطه وحساب النتيجة النهائية التي سوف تستخلص العبرة من كل هذا..
نتيجة صفر مشاكل غالباً لا يتوصل لهذه المرحلة إلا من بلغ سن الأربعين وأكثر، حيث تبدأ مراحل النضج والتجارب التراكمية ومراحل العقلية والفكرية، ومراحل تكون الشخصية النهائية التي سوف تبقى من هذا السن حتى آخر لحظة في حياة الشخص، ومنها الإدراك بمن حوله ومن يفيده ومن يضره ومن ينفعه ومن يقدم له الخير ومن يحاول أن يسحبه للشر لا سمح الله، ومعرفة قيمة السلوك والتصرف، ونتائج كل فعل وردات الفعل..
تعني صفر أخطاء تقدم عليها أنت كشخص، تعني صفر ردات فعل سلبية تؤثر على نمط حياتك، وتفكيرك، وسلوكك، وراحتك، واستقرارك، تعني صفر علاقات سلبية مغلقة أو تافهة، أو مؤثرة بشكل سلبي على حياتك، تعني الرقي في التعامل لحد المثالية وأكثر، تعني محاولة أخذ النفس بعيداً عن المهاترات، والاحتكاكات، والمُزاح الفاقد للهيبة والرجولة والعُمر..
تصفير المشاكل بلغة أخرى، هي مرحلة نضوج تام حيث يرنو الإنسان للهدوء والبحث عن الأمان ومعيشة الأمان، والابتعاد بشكل تام عن كل منغصات الحياة، والظروف، ومنغصات الصحة، وحيث يعيش الشخص مستوى فكرياً محددًا، يبدأ بحساب نفسه، وحساب ردات فعله في أي حدث ماء، وحساب سلوكه وتصرفاته مع الآخرين، ومع الأقربين ومع البعيدين، ومع زملاء العمل، بحيث يحاول أن يتقمص شخصية الشخص المرن والهادئ، والذي لا يبحث عن مشاكل، ولا يبحث عن أبواب موصدة، ويحاول تجنب كافة أنواع الخلافات والشحناء والبغضاء..
في بعض الأمثلة الحياتية التي يعيشها الشخص الذي بدأ بتصفير المشاكل، وبدأ هذا الطور وانسجم حقيقةً مع هذا الواقع الجميل، تمشي في طريقك وبسرعتك القصوى المحددة لهذا الطريق، وتجد من خلفك قائد سيارة يزمر لتفتح له الطريق، وتفسح له المساحة لكي يتجاوزك، ويزعجك تارة بالنور العالي، وتارة بالهرن البوري، وتارة يضع صدام سيارته الأمامي في خلفية سيارتك، وترى إشارات يديه التي تنم على غضب أن لم تستطع فسح الطريق له في وقتها، ولو تأخرت لربما لأضطر صاحب هذه المركبة لقلب سيارتك والتسبب لك بكارثة لا تحمد عقباها، فتقوم أنت الشخص الهادئ، بمحاولة فتح الطريق ولربما تجعله يمضي في طريقه خوفاً على نفسك من تهوره وطيشه، ولربما لو حصل ترفع يديك الاثنتين لتسلم عليه وتقبل رأسه أن يعفو عن تأخرك في تلك اللحظة، محاولاً بذلك النأي بالنفس بعيداً عن ما يحاول أن يزجك إليه هذا الأرعن..
في تجربة أخرى على تصفير المشاكل، هي أنك تمتلك مزرعة وبجانبك الحدودي لمزرعتك جار نهم لا يشبع، ودائماً يشعر بحالة جوع، لانتهاك الحدود أما بالتعدي على الطريق، أو التعدي على أملاكك الزراعية، أو التعدي على ممتلكات الدولة في بعض الأحيان، في محاولات طائشة وفرض السلطة والقوة، ومحاولة جرك لساحة حرب مفتوحة، تستخدم فيها كافة الأسلحة الكلامية والغضب والشحناء والبغضاء والتوتر، ولربما دخولك المحاكم الشرعية، ولكنك بحكمة بالغة تحاول تفادي كل هذه المشاكل من أول جولة، وتقول له الرسول ﷺ، وصى على سابع جار، وحنا جيران واللي تآمر عليه لو تبي حلالنا كله خذه تراك أغلى من كم متر التعدي التي تطمع في ضمها لملكك الشخصي، محاولة منك في التخلص من كافة المشاكل التي قد تتطرق لها وتدخل فيها ولربما تخسر نفسك ووقتك ومالك وجهدك وقدراتك للتي لو سلطتها لأشياء أخرى أكثر منفعة، ولكنك اخترت معادلة تصفير المشاكل، وحاولت تدخل في المكسب مباشرة..
اكتشفت أن زميلاً لك يحاول أن يكيد ويدبر لك مشاكل عديدة في عملك، وأنت بلا شك اتخذت المسار الهادئ والمسار الذي يؤدي بك إلى تفادي المشاكل بكل سلاسة وهدوء، وبدون احتكاك مع هذا الزميل أو مع غيره، واكتشفت كافة المخططات التي كانت ترمي أن زميلك يكيد لك العداوة والبغضاء لا لشيء، وإنما هي مجرد أوهام شخصية وأفكار تدور في عقله بأنك سوف تتقلد منصبه، أو سوف تترشح لمنصب أعلى، أو سوف تصبح رئيساً عليه، وكل ما عليك هو أنك قدمت تضحيات وعطاءات جزلة للحفاظ على علاقتك بهذا الزميل رغم كيده وعداوته، فهذه أحد أنواع تصفير المشاكل عدم الخوض أكثر في جوانب السلبية والمشاكل والتدقيق والدخول في تفاصيل ودهاليز عميقة للمشاكل..
مرحلة تصفير المشاكل مرحلة جيدة جداً وهامة وتشبه المرحلة الملكية التي يتبناها بعض الشخصيات ويرنو العيش فيها مدة أطول، والتي تتميز بالهدوء والاستقرار وصفر مشاكل، لتنعم باستقرار نفسي وسلام داخلي كبيرين يمكنك من العمل في أشد الظروف بأقل الخسائر، ببرودة أعصاب وليس تبلداً، وبمشاعر تشاطر فيها الآخرين فرحهم أو حزنهم..