مساعدة الطفل على أداء واجباته المنزلية
بقلم، ميليسا بارنز وكاترينا تور، محاضرتان في كلية التربية جامعة موناش
23 يناير 2022
How to help your kids with homework «without doing it for them»
January 23,2020
مقدمة البرفسور رضي حسن المبيوق، منسق برنامج التطوير المهني للمدرسيين سلبقًا، جامعة شمال أيوا
المقال أدناه يتطرق إلى واحد من أهم الموضوعات أهمية ويجيب عل أكثر الأسئلة إلحاحًا يطرحها أو تدور في بال الآباء والأمهات. ألا وهو: كيف ومتى والى أي مدى أساعد أبنائي في اداء واجباتهم المدرسية «المنزلية»؟
أجابت كاتبتا المقال على جوانب كثيرة من هذا السؤال وأعطتا إرشادات عملية لحل من الآباء والأمهات بشأن كيف يستطيعون مساعدة ابنائهم في أداء الواجبات المنزلية دون أن يقوموا بأدائها عنهم.
ما أحببت أن أضيفه في هذه المقدمة للمقال المهم جدًا هو تسليط الضوء على العبارة والتي وردت في محور المقال المعنون ب ”كن منخرطا ومهتمًًا،“ والتي تحث الآباء والأمهات أن يكونوا حذرين في مدى مقاربتهم لتقديم المساعدة لأطفالهم في أداء واجباتهم.
النقطة المركزية بالنسبة لي تكمن في كلمة 'حذرين' لأنها تتمثل في السؤال التالي: ما نوع ودرجة الحذر الذي ينبغي للوالدين أن يتوخوه أثناء مساعدتهم أطفالهم في أداء واجباتهم المدرسية؟
هذا الموضوع قد درسه وأشبعه الباحثون التربويون بحثًا، حيث ترجع معظم دراساتهم إلى نظرية عالم النفس التربوي الروسي ليڤ فيگاتسكي Lev Vygotsky والتي ترتكز على هذه الفرضية: أهمية التفاعل الإجتماعي «social «interaction في عملية التعلم. فعبارة ”كن منخرطًا ومهتما“ تعكس الجانب التطبيقي لفرضية فيگاتسكي، أي أن مفتاح التعلم يكمن في هذا التفاعل الواعي والهادف. وهذا بدوره يثير سؤالًا آخعن نوعية التفاعل الإجتماعي الذي قصده وتحدث عنه ونظر اليه هذا العالم الروسي. جواب فيگاتسكي نجده في تشبيهه لعملية التفاعل بين الوالدين وطفلهما بمنطقة إنشاء «construction zone» أطلق على هذه المنطقة اسم Zone of Proximal Developmen والتي لاحظت أن لها عدة ترجمات مختلفة وردت في أوراق بحثية نشرها باحثون عرب، ومنها ما يلي:
1 - منطقة النمو الممكنة.
2 - منطقة النمو الوشيك.
3 - نطاق النمو الكامن.
4 - منطقة النمو المحاذي..
5 - منطقة فجوة التطور العلمي الكامن.
مع أني اميل إلى التعريف التالي لهذا المصطلح: ”الفجوة بين ما يمكن للمتعلم أن يكتسبه دون مساعدة وبين ما يمكن أن يكتسبه بتوجيه من معلم أو من زملاء أكثر قدرةً منه“ [1] .
إلّا أن كل ما ورد من ترجمات يركز على المنطقة هذه التي يشبهها فيگاتسكي بمنطقة انشاء فيها بنّاء ماهر وحاذق وآخر مبتدئ عليه أن يكتسب مهارات البناء من هذا الأستاذ الماهر والأكثر خبرة. ولكن كيف تجري هذه العملية بين المعلم وبين التلميذ؟
ذلك يتم عبر تقديم المساعدة التي تعين المتعلم على الصعود إلى المرحلة التالية أو المرحلة الأكثر تعقيدًا، وهذا يتطلب من المعلم معرفة ما يستطيع المتعلم أن يتعلمه بنفسه وما لا يستطيع إلا بمساعدة منه.
عملية المساعدة هذه التي يجب أن يقوم بها المعلم أطلق عليها فيگاتسكي مصطلح: ”السقالة scaffolding“ وكأنها استعارة من وظيفة السقالة والتي تختص برفع الأشخاص والمواد لأغراض الأعمال الانشائية.
الاستاذ الحاذق ذو المعرفة الدقيقة بنوع ودرجة المساعدة التي يحتاجها المتعلم يعرف متى يقدم ”السقالة“ بطريقة ذكية وفي الوقت المناسب لكي يساعد المتعلم على الصعود والتقدم حتى يصبح في النهاية قادرًا على الاستقلال بنفسه وأداء مالم يكن قادرًا على أدائه قبل ذلك، وهذا من شأنه أن يولد الثقة عند المتعلم بقدراته ويزيد من شغفه في عملية التعلم.
يجب التنبيه على أن فيگاتسكي ركز على أن المساعدة لابد أن تكون مؤقتة وألّا تبقى ”السقالة“ قيد الاستعمال طويلًا، حتى يتمكن المتعلم من الاعتماد على نفسه مستقلًا عن معلمه وإلّا سُلبت منه متعة عملية التعلم، نعم سيحتاج إلى هذا النوع من السقالات كلما تقدم في العملية التعليمية إلى مرحلة أخرى.
كخلاصة، كما ستقرأون في التوجيهات التي ذكرها المقال أدناه، لمساعدة الأطفال على أداء واجباتهم المدرسية، يجب على أولياء الأمور معرفة وتحديد هذه الفجوة التي ذكرها فيگاتسكي ليتمكنوا من توفير مساعدة محدودة وذكية تبني في الطفل القدرة على التفكير المستقل وتخلق لديه الشعور العالي بالمسؤلية والجدارة الذاتية.
المقال المترجم
أولياء الأمور يُعتبرون المعلم الأول والأكثر أهمية للطفل. انخراط الوالدين في تعليم أطفالهم من شأنه أن يساعد في تحسين مستوى أدائهم الدراسي في المدرسة [2] . ولكن، عندما يتعلق الأمر بمساعدة الأطفال في أداء واجباتهم المنزلية، فالأمر ليس بهذه البساطة.
على الرغم من أن إبداء الدعم والتعليم بالإحتذاء [التعلم بالإحتذاء يسمى أيضًا التعلم بالملاحظة ويتطلب من الطفل الانتباه والتذكر والقدرة على التطبيق وأن يكون محفزًا على هذا النوع من التعلم [3,4]]، إلا أن هناك حدًا لمقدار هذه المساعدة التي يمكنك تقديمها دون أن تحرم طفلك من فرصة التعلم بنفسه.
كن منخرطًا ومهتمًا
تحليل أكثر من 400 دراسة بحثية وجدت أن مشاركة الأباء والأمهات، في كل من المدرسة والمنزل [5] ، يمكن أن تحسن من التحصيل الدراسي للطلاب وانخراطهم في العملية التعليمية [6] ودافعيتهم على التعلم [7] .
الانخراط في النشاط المدرسي ينطوي على مشاركة الوالدين في الفعاليات المدرسية، مثل حضور الاجتماعات بين أولياء الأمور والمعلمين والتطوع في أعمال الصف الدراسي [ومنها مساعدة المدرس في القراءة للطلاب والعمل مع الطلاب في مشاريع فنية، وغيرها من المهام [8] ]. الانخراط في النشاط المنزلي يشمل حديث أولياء الأمور مع أطفالهم بخصوص الشؤون المدرسية وتشجيعهم وخلق بيئات محفزة للتعلم، وأخيراً، مساعدتهم في أداء الواجبات المنزلية.
وجدت الورقة بشكل عام أنه من المفيد لأولياء الأمور أن ينخرطوا بانتظام في تعليم أطفالهم، بغض النظر عن سن الطفل أو حالة الأسرة الاجتماعية والاقتصادية «السسيواقتصادية» [9] . ومع ذلك، اقترح نفس هذا التحليل أيضًا على أولياء الأمور أن يكونوا حذرين في مدى مقاربتهم لتقديم المساعدة لأطفالهم في أداء واجباتهم المنزلية.
مساعدة أولياء الأمور أطفالهم في أداء الواجبات المنزلية قد قُرنت بمستويات عليا من انخراط الأطفال في العملية التعليمية [6] ودافعيتهم على التعلم [7] ، ولكنها قُرنت بمستويات أقل في التحصيل الدراسي. وهذا يشير إلى أن الافراط في المساعدة قد يسلب الطفل مسؤوليته عن عملية تعلمه بنفسه [10] .
ساعدهم على تحمل المسؤولية
معظم الأطفال لا يرغبون أو لا يحبذون أداء واجباتهم المنزلية. الكثير من أولياء الأمور يشغلون بالهم بشأن قرارهم مساعدة أطفالهم على أداء واجباتهم المدرسية. لا يعتبر ذلك مفاجئًا لو خلق هذا التصرف جوًا عاطفيًا سلبيًا يؤدي غالبًا إلى التشكيك في مدى قيمة الواجبات المنزلية [11] .
غالبًا ما تتلازم الواجبات المنزلية مع مستويات إنجاز الطالب الدراسي، مما يعزز فكرة أن الأطفال الذين يكملون واجباتهم المنزلية سيحققون نتائج أفضل في المدرسة. تحليل الواجبات المنزلية والإنجاز المدرسي الشامل والمحدَّث [12] يفيد بأن عمل الواجبات المنزلية قد يؤثر في التحصيل الدراسي «مثلًا، في درجات الاختبار»، خاصة للأطفال في مستويات الصف السابع إلى الصف الثاني عشر.
ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لمعرفة حجم الواجبات المنزلية المناسبة لأعمار معينة وما هي أنواع الواجبات الأفضل لتحقيق أقصى قدر من التعلم في المنزل.
عندما يتعلق الأمر بمشاركة الوالدين، تفيد الأبحاث [13] بأن على أولياء الأمور مساعدة أطفالهم على اعتبار واجباتهم المنزلية فرصة لهم للتعلم لا عملية مقصورة على الأداء لا غير. على سبيل المثال، إذا احتاج الطفل أن بعمل على إعداد بوستر poster تعليمي، فمن الأفضل أن يلاحظ الطفل المهارات التي يطورها أثناء عمل هذا البوستر بدلاً من إعداد أفضل بوستر في الصف الدراسي.
بدلاً من التأكد أن طفلهم قد أكمل واجباته المنزلية، دعم أولياء الأمور لأطفالهم لزيادة الثقة في إكمال مهام واجباتهم المنزلية بأنفسهم قد يكون أكثر فعالية.
فيما يلي أربع طرق لمساعدتهم على تحقيق ذلك.
1. امدح عمل طفلك وشجعه
إيجابيتك ستُحدث فرقًا في مقاربة طفلك للواجب المنزلي والتعلم بشكل عام. ببساطة، تواجدك معه ودعمك له من شأنه أن يخلق بيئة تعليمية إيجابية.
2. التعلم بالإحتذاء [3,4]
يقوم العديد من المدرسين بمساعدة ما يرغب طلابهم بعمله. لذلك، إذا كان لدى الطفل مسألة لا يمكنه حلها، بإمكانك الجلوس معه وحلها وهو يراقبك، ثم أكملا معًا حل المسألة التالية، ثم اطلب من الطفل حلها بمفرده.
3. ضع خطة لعمل الواجب المنزلي
عندما يشعر طفلك بالإحباط الشديد من عمل واجباته المدرسية، لا تجبره على ذلك. ولكن ضع معه خطة للتعامل بشكل أفضل مع هذه الواجبات، كالتالي:
اقرأ وافهم مهمة الواجب المنزلي
- قسم مهمة الواجب المنزلي إلى أجزاء صغيرة تقسيمًا معقولًا
- ناقش الوقت المطلوب لإكمال كل جزء
- ضع لك جدولًا زمنيًا لإنجاز الواجب بشكل تنازلي من الموعد النهائي لتسليم الواجب [14] .
- ضع الجدول الزمني في مكان يتمكن الطفل من رؤيته
- شجع طفلك على وضع علامة على الأجزاء التى أكملها ليعرف مدى التقدم الذي أحرزه في عمله على الواجب
4. خصص مكانًا في البيت ووقتًا لعمل الواجبات المنزلية
الحياة مزدحمة بالأشغال. بإمكان أولياء الأمور أن يخلقوا عادات دراسية إيجابية وذلك بتخصيص وقت للأسرة من أجل الدراسة. قد يعني هذا تخصيص ساعة واحدة بعد العشاء لطفلك لأداء واجباته المدرسية أثناء انخراطك في نشاط دراسي آخر، مثل القراءة، بدلاً من مشاهدة التلفزيون والاسترخاء. يمكنك أيضًا تخصيص مكان مريح وجذاب للقراءة ليتعلم فيه الطفل.
قدرة أولياء الأمور على دعم تعلم أطفالهم تتجاوز الواجبات المنزلية. يمكن لأولياء الأمور إشراك أطفالهم في المناقشات، والقراءة معهم، وإعطائهم فرص التعلم المستمر الأخرى «مثل الذهاب إلى متحف أو مشاهدة فيلم وثائقي أو قضاء الوقت معًا على الإنترنت».