الأثر الاقتصادي لتخفيض السعودية إنتاجها من النفط؟ ”قمة النفط“«6»
فيما يتصل بالثروة النفطية فثمة عامل مكث متوارياً لسنوات طوال، لكن رؤية المملكة 2030 أماطت اللثام عنه مبدئياً حين أوضحت إبان انطلاقتها بأنها تسعى لتنويع الاقتصاد السعودي حتى لا يعتمد فقط على النفط، وأضافت أن السعودية تمتلك ثروات وفرص متعددة. لم يخلو ذلك الطرح من جراءة باعتبار أنه في المحصلة النهائية أن مكانة النفط في الاقتصاد السعودي ستتزحزح من التفرد إلى المشاركة خلال خمسة عشر عاماً الفاصلة بين العام 2016 العام الذي انطلقت فيه الرؤية وخط نهايتها في العام 2030.
ولم يجادل أحد في الأهمية الحرجة لسعي السعودية تنويع اقتصادها، فذلك يعزز استقرار الاقتصاد المحلي على المدى المتوسط والبعيد، ويحصنه من اهتزازات سوق النفط وبهلوانياتها، أما من جانب العديد من المحللين الغربين وبيوت الفكر هناك فهم يدركون ذلك التحرك الاقتصادي من قبل المملكة لكن من منظورهم الذي يختلف نوعاً، فاعتقادهم هو أن انتاج العالم من النفط سيصل مداه خلال الفترة 2030 -2040 ثم لن يملك إلا أن يتراجع، مما لن يترك فسحةً للدول المنتجة أن تتوسع لتنتج المزيد بسبب تشبع السوق وتراجع الطلب على النفط.
وبالإجمال، لا تقوم هذه الفكرة «قمة النفط» على أرضية صلبة، فقد ارتكزت على توليد توقعات تقوم على افتراضات هشة، وما يؤيد ذلك أن الجيولوجي كينج هربرت توقع في الخمسينيات أن الطلب على النفط في الولايات المتحدة سيصل مداه في العام 1970، أم الإحصاءات فتدحض ذلك حيث انها تبين أن الطلب على النفط في الولايات المتحدة بلغ في العام 1970 نحو 14,5 مليون برميل يومياً ولكن تلك النقطة كانت أقل من أن تمثل“القمة”، فلم يبرح الطلب في التصاعد حيث يقدر حالياً بنحو 20,5 مليون برميل يومياً!
بل أن فكرة“قمة النفط”تتعارض مع طرح كان مبني على أرضية اقتصادية أكثر صلابة مفادها أن مزيداً من المعروض من النفط سيغذي أي زيادة في الطلب، ومصدر ذلك المزيد من الاكتشافات التي ستكون كافية لتغذية السوق النفطية العالمية، وأن استثمارات جديدة ومنتجين جدد سيدخلون السوق النفطية، وأن ما سيحدد سعر النفط هي تلاقي قوتي العرض والطلب. وإن كان صاحب ذلك الطرح البرفسور أدلمان - أستاذ الاقتصاد الذائع الصيت من معهد ماسيتيوسس للتقنية - يطرحه في السبعينيات ليبين أن تأثير أوبك إلى ضعف مع مرور الوقت، لكن لا يمكن الجدل أنه كان طرح يرتكز إلى إطار نظري وأفق اقتصادي متماسك ثبتت صحته، أم جماعة“قمة النفط”فتفتقر فكرتهم إلى إطار نظري متماسك.
«يتبع»