آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 6:12 م

الأثر الاقتصادي لتخفيض السعودية إنتاجها من النفط؟ «5»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

وقد لا يتفق الجميع مع هذه النقطة، إلا أن ربط تنويع مصادر إيرادات الخزانة العامة السعودية بجهد تنويع الاقتصاد السعودي من خلال إطلاق أحد البرامج الرئيسة لرؤية المملكة 2030 ليختص في تحقيق الاستقرار المالي، والذي تعدل اسمه فيما بعد ليصبح برنامج الاستدامة المالية، مُرتكزهُ تنمية الإيرادات غير النفطية عبر حزمة من الضرائب والرسوم، التي تنبع من نشاط القطاع الخاص ومن استهلاك السكان للسلع والخدمات.. أن هذا الربط كان هو الأساس في أخذ المالية السعودية لأفق جديد يؤهلها أن تطرق بوابة الولوج ليصبح اقتصادها صناعياً يعتمد على الإنتاج وليس على الريع. ولا أزعم هنا أن الاقتصاد أصبح صناعياً متنوعاً - بمجرد طرق البوابة - فالطريق مازال في بدايته، بل أقول أن الاقتصاد السعودي بدأ يلج في ذلك المسار. ولابد من الاعتراف أن تلك الخطوة هي بمثابة ثورة اقتصادية على ما كان معتاداً وما كان مريحاً وما في المتناول إلى ما هو غير معتاد وصعب وليس في المتناول، وهو ما سبق أن سماه سمو ولي العهد“إدمان النفط من قبل الجميع”.

وهناك من ينظر للأمر باعتباره مجرد جباية للأموال، ولا شك أنه كذلك لكنه أكثر من مجرد ذلك، إذ أن ضآلة مساهمة الإيرادات غير النفطية على مدى عقود ممتدة في الخزانة العامة جعل الحكومة تنظر للنفط وللنفط فقط، وكانت تقدم دعوماً سخية شبه“أفلاطونية”للقطاع الخاص، حتى نما وترعرع دون أن يكون لذلك النمو تأثير يذكر على التوظيف، فجل من يعمل في قطاعنا الخاص حتى يومنا هذا عمالة وافدة، ودون أن يكون هناك تأثير ملموس على تحسين الإنتاجية «لم يتكن تتجاوز إنتاجية العامل من الناتج المحلي الإجمالي 105 ألف ريال في العام 2016 وفق دراسة لكابسارك» أي ما يوازي 65 بالمائة من المتوسط العالمي في ذلك العام، وبالتالي انخفاض تنافسية ما يصنع من سلع وخدمات مما يحد من فرص تصديره للخارج أو حتى النهوض لمنافسة المنتجات المستوردة، وتركز النشاط غير النفطي على صناعات تحويلية بتروكيماوية وصناعات تعتمد على لقيم مقدم دون الأسعار العالمية، أو صناعات استهلاكية بسيطة التعقيد هدفها تلبية الطلب المحلي لتحل محل الواردات.

تلك الثورة جعلت الجميع في القطاع الخاص يعود إلى أوراقه وخططه ليعيد التفكر والتأمل في نماذج العمل بما يجعلها تتعايش وتتماشى مع الوضع الجديد. ولم يكن ذلك مخاضاً سهلاً.

«يتبع»

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى