مشرط المشيخص ينقش قصص مرضاه على امتداد خمسة وثلاثين عامًا
سيبعث فيك الأمل والتفاؤل، وينتابك القلق والحذر. ستعيش وقتًا من التناقض والإرباك؛ ما بين الفرح والحزن، بين قوة العزيمة والإحباط، بين الأمل والخيبة.
ولن تهدر وقتًا وأنت تقرأ كتابه الذي ضم بين السرد الأدبي القصصي، وبين اللفتات العلمية الطبية.
الجراح الشهير المخلص الدكتور عبدالواحد المشيخص الذي أحبَّ الأدب وكان ينوي أن يتخصص فيه، ثم مال إلى القسم العلمي في دراسته، حقق أمنيته في كتابه «مذكرات جراح.. قصص من واقع الحياة العملية»، حيث صاغه بأسلوب أدبي رائع وبلغة علمية سهلة.
يسرد قصة مريض ثم يلج في شرح المرض علميًا أو العكس.
حين تقرأه ستعرف كيف يتفانى هو والمخلصون من الأطباء لخدمة ورعاية مرضاهم، سيما أولئك الذين يعملون أكثر من الوقت المقرر لهم حسب العقد الوظيفي، والذين يرون في الوظيفة الطبية غاية إنسانية وليس وسيلة لكسب المال فحسب.
ستشعر بآلام المرضى الذين أخذ منهم المرض مأخذه وكفَّ يدَ الطبيب عن تطبيبهم، وحزن ذويهم وانفعالهم على فقدهم أو حتى عدم شفائهم. ستشعر بالفرح والبهجة لأولئك الذين تغلّبوا على المرض وكُتب لطبيبهم أن يضخ فيهم روح الحياة من جديد.
فكيف هو حال من عاش هذا الواقع بشقائه وسعادته مع مختلف الناس ومختلف الأمكنة والأمزجة؟ إن شريط ذكرياته مليء بهم لا يبرحون ذاكرته. عاشوا معه في يقظته ومنامه. عاش آلامهم وآمالهم. تضيق به الدنيا إذا تغلب المرض على مريضه ولم يوفق لمنحه العلاج الناجع، ينتابه تأنيب الضمير خوفًا من أن يكون قصّر أو لم يعمل اللازم، وتتسع له الدنيا ولهم حين يرى من يتماثل للشفاء وتكتب له على يديه حياة جديدة.
في سرده مذكراته يستهدف بث رسائل مهمة تنفع من يتخذ نفس المسلك من حيث الدراسة والعمل، وكذلك للقراء الكرام ومنها: التوكل على الله، التسليم بقضاء الله وقدره، التفاؤل، الثقة بالطبيب، فهي أمور تساعد بشكل كبير على تخطي المرض، إضافة إلى عدم التهاون بالمرض، فاكتشافه بادئ الأمر يسهل علاجه.
الكتاب يفيد أدباء الرواية والقصص وصناع الدراما التلفزيونية في فهم مشاعر وأحاسيس الأطباء والمرضى وذويهم. كما يفيد أهل الاختصاص العلمي حيث يسرد حالات مرضية ويشير إلى طرائق علاجها وفهم أبعادها.
لم يسرد الكاتب مذكراته حسب التسلسل الزمني. ذلك لأن الهدف كما يبدو ليس استعراض حياته الشخصية وإنجازاته العلمية والوظيفية، وتمجيد الذات، بل لتحقيق أهداف أسمى أشرنا لبعضها. وإن كان يبدو في مذكراته بشخصية بطل القصة، فهذا أمر لا بد منه في مثل هذا النوع من الكتابات، شاء الكاتب أم أبى.
بيد أني أرى أنه خلا من شرح بعض المصطلحات للقارئ العام مثل: فغرة، مفاغرة، علاج تحفظي. وقد كثر استخدامها في الكتاب.
يقع الكتاب في 438 صفحة مطبعة ريادة عام 2023.
يعد الدكتور عبدالواحد المشيخص واحدًا من أبرز وأكفأ الجراحين في المملكة ومن الطليعة في هذا التخصص.
درس في بريطانيا وعمل بها طبيبًا واستشاريًا لمدة 17 عامًا ثم أكمل مشواره العملي في مستشفى الدمام المركزي والملك فهد التخصصي بالدمام ومن ثم القطاع الخاص.
نشر أبحاثًا وكتبًا علمية في مجالات طبية عالمية، إضافة إلى مشاركته في مؤتمرات وندوات عالمية حاضرًا ومحاضرًا ومؤسسًا.
من مواليد العوامية عام 1958 م.
يتمتع بروح طيبة وأخلاق عالية.
وهو لا يزال يعمل خدمة وحبًا للوطن وأبناء الوطن. حفظه الله وزاده رفعة وعطاء وكثّر من أمثاله.