دلالات ومعاني إفشاء السلام
من محاسن الأخلاق، وأفضل الآداب التحية بالسلام، وهي أدب إسلامي اجتماعي رفيع، والسلام يعبِّر عن تبادل مشاعر الحب والود تجاه من نلقي عليهم التحية بالسلام، كما يولد شعورًا نفسيًّا بالأمن والسلامة من كل الآفات والمخاطر التي يمكن أن تفتك بالإنسان أو تضر به، روي عن الإمام عليّ : «إنَّ بَذْلَ التّحيَّةِ مِن مَحاسِنِ الأخْلاقِ»[1] .
ومعنى (السلام عليكم) سلام الله عليكم، وهو عبارة عن الدعاء للآخرين بالسلامة من كل الآفات والمكاره والمخاوف والنقائص فيما يتعلق بالدين أو النفس، وفيه عهد من المسلمين فيما بينهم بحفظ دمائهم وأعراضهم وأموالهم؛ فالذي يُلقي السلام على أحد الأشخاص كأنه يقول له: ألقيتُ إليك سلامةً وأمانًا من كل ما يضرك أو يسيء إليك أو يخيفك، فالسلام هو بمثابة عهد وميثاق يعاهد به الناس بعضهم بعضًا على أن يكفَّ كل واحد منهم عن التعرض لدم أخيه وعرضه وماله، أو الإساءة إليه، أو إيذائه بأي نوع من الإيذاء النفسي أو الجسدي.
وفي تحية الآخرين بالسلام إعلان عن مشاعر المودة والمحبة، والإخاء والتحابب والتآزر والتآلف معهم، والسلامة من شرور بعضهم بعضًا، واستقرار الأمن والاطمئنان فيما لو عملوا بمضامين ومقتضيات السلام.
واختار الإسلام شعار (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) تحيةً بين المسلمين للتعبير عن تلك المعاني والدلالات المهمة في نشر ثقافة السلام بين المسلمين.
ودعا القرآن الكريم إلى إفشاء السلام بين الناس، ورد التحية بأحسن منها، يقول تعالى: ﴿وَإذا حُيِّيْتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأحْسَنَ مِنْها أوْ رُدُّوها إنَّ اللَّهَ كانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ حَسِيبًا﴾[2] ، ورد التحية بالأحسن يزيد من مشاعر الود والحب والوئام، والله محاسب كل من لا يرد السلام لأنه ترك واجبًا.
واستفاد الفقهاء من هذه الآية الكريمة وجوب الرد في السلام، فالابتداء بالسلام مستحب ولكن الرد واجب، وقد روي عن رسول اللَّهِ ﷺ قوله: «السلامُ تَطَوُّعٌ، والرَّدُّ فَريضَةٌ»[3] .
والسلام هي تحية أهل الجنة أيضًا، يقول تعالى: ﴿دَعْواهُم فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيْها سَلَامٌ﴾[4] ، وقوله تعالى: ﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الْأنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ﴾[5] ، بل إن القرآن الكريم أطلق على الجنة (دار السلام) كما في قوله تعالى: ﴿لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ﴾[6] .
يحث الإسلام كثيرًا على إفشاء السلام بين الناس، ليعيشوا في أمن وسلام واطمئنان، فهو سبب للألفة والتآلف والالتيام والانسجام، وموجب لحسن المعاشرة والمخالطة، والعيش بسلام، فقد روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: «أفشِ السلامَ يَكثُر خَيرُ بَيتِكَ»[7] ، وعنه ﷺ قال: «إنَّ السلامَ اسمٌ مِن أسماءِ اللَّهِ تعالى، فَأفشُوهُ بَينَكُم»[8] ، وعن رسولِ اللَّهِ ﷺ قال: «ألَا أُخبِرُكُم بخَيرِ أخلاقِ أهلِ الدُّنيا والآخِرَةِ؟» قالوا: بَلى يا رسولَ اللَّهِ، فقالَ: «إفشاءُ السلامِ في العالَمِ»[9] ، وعن الإمام الباقر : «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إطعامَ الطَّعامِ، وإفشاءَ السَّلامِ»[10] .
إن إفشاء السلام بين الناس يخلق شعورًا بالمحبة والمودة بينهم، وأما التعامل مع الآخرين ببرود وجفاف فيؤدي إلى التنافر والتباعد بينهم؛ فالشعور الإيجابي له قوة جاذبة، بخلاف الشعور السلبي الذي له قوة طاردة.
ولأهمية السلام في المنظومة الأخلاقية ورد النهي عن الرد على أي إنسان يتكلم قبل أن يسلم، فقد روى إسماعيل بن أبي زيادٍ عَن أبي عبد اللَّه ، عن آبائه قال: قالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: «مَن بَدَأ بِالكَلامِ قَبلَ السلامِ فلا تُجِيبُوهُ»[11] ، وعن الإمامُ الصَّادق : «السَّلامُ قَبلَ الكلامِ»[12] ، وذلك كي يتحول السلام إلى عادة يتعود عليها الإنسان في تعامله مع الآخرين.
ويهدف التشجيع على إفشاء السلام في المجتمع إلى تعزيز قيم التراحم والتكافل والتوادد والتحابب والإخاء بين أفراد المجتمع ومكوناته، ليكون المجتمع المسلم مجتمعًا قويًّا ومتماسكًا وشامخًا يشد بعضه بعضًا، ويعيش بسلام وأمن واطمئنان بعيدًا عن التحارب والتقاطع والتدابر.
كما يستحب للإنسان أن يسلم على كل من يلقاه من الناس، كذلك يستحب له أن يسلم على أهله وعائلته عند دخول البيت، يقول تعالى: ﴿فَإذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أنْفُسِكُم تَحِيَّةً مِن عِندِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً﴾[13] ، وفسَّر الإمامُ الباقرُ هذه الآية الشريفة بقوله: «هُو تَسليمُ الرَّجُلِ على أهلِ البيتِ حينَ يَدخُلُ، ثُمَّ يَرُدُّونَ علَيهِ، فهُو سَلامُكُم عَلى أنفُسِكُم»[14] .
وعن رسول اللَّهِ ﷺ: «إذا دَخَلَ أحَدُكُم بَيتَهُ فَلْيُسَلِّمْ؛ فإنَّهُ يَنزِلُهُ البَركَةُ، وتُؤنِسُهُ الملائكةُ»[15] ، وعن الإمام الباقر : «إذا دَخَلَ الرَّجُلُ مِنكُم بَيتَهُ، فإن كانَ فيهِ أحَدٌ يُسَلِّمُ علَيهِم، وإن لَم يَكُن فيهِ أحَدٌ فَلْيقُلْ: السلامُ علَينا مِن عِندِ رِبِّنا، يقولُ اللَّهُ: ﴿تَحِيّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً﴾[16] »[17] .
وهذا توجيه جميل ولطيف، إذ إن السلام على أفراد العائلة -وخصوصًا من رب الأسرة- يساهم في خلق أجواء السعادة والسلام والاطمئنان في البيت العائلي، ويزيد من المحبة والمودة فيما بينهم، فالسلام يعبر عن مشاعر إيجابية، وأما عدم السلام والدخول إلى البيت بوجه عابس فيعبر عن مشاعر سلبية، ويخلق أجواء من السلبية وعدم الإطمئنان والاستقراء، فلا تبخلوا على أهلكم وعائلتكم من إلقاء السلام عليهم، وعوِّدوا أفراد العائلة على فعل ذلك، كي يعمَّ السلام أرجاء الدار ومن فيها.
إن أبخل الناس من يبخل عن إلقاء السلام على الآخرين. روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: «إنَّ أبخَلَ الناسِ مَن بَخِلَ بِالسلامِ» [18] ، وعن الإمام الصَّادق قال: «البَخِيلُ مَن بَخِلَ بِالسلامِ»[19] ، فمن يبخل عن إلقاء السلام هو أبخل من الذي لا يعطي المال، فالمال يحتاج بذله إلى كرم وجود صاحبه، وأما السلام فلا يكلف الإنسان شيئًا سوى التعبير عن مشاعر الحب والود تجاه الآخرين.
السلام عبادة، وهو أمر مستحب شرعًا، ورده فريضة، وفيه أجر وثواب جزيل، فقد روي عن رسول اللَّهِ ﷺ أنه قال: «إنَّ أولَى الناسِ بِاللَّهِ وبرسولِهِ مَن بَدَأ بِالسلامِ» [20] ، وعنه ﷺ قال: «أطوَعُكُم للَّهِ الذي يَبدَأُ صاحِبَهُ بِالسلامِ»[21] ، وعن الإمام عليّ قال: «السلامُ سَبعونَ حَسَنةً، تِسعَةٌ وسِتُّونَ لِلمُبتَدي وواحِدَةٌ لِلرّادِّ»[22] .
وعَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِاللَّهِ يَقُولُ: «مَنْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَهِيَ عَشْرُ حَسَنَاتٍ؛ وَمَنْ قَالَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَهِيَ عِشْرُونَ حَسَنَةً؛ وَمَنْ قَالَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَهِيَ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً»[23] .
والسلام من موجبات المغفرة، فقد ورد عن رسول الله ﷺ أنه قال: «إنَّ مِن مُوجِباتِ المَغفِرَةِ بَذلَ السلامِ وحُسنَ الكلامِ»[24] .
أشارت النصوص الدينية إلى جملة من آداب السلام، والتي منها أن يسلم الراكب على الراجل، إذ روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: «لِيُسَلِّمِ الراكِبُ على الماشي»[25] .
ومن آداب السلام: أن يسلم الصغير على الكبير، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير؛ لما روي عن رسول اللَّهِ ﷺ أنه قال: «يُسَلِّمُ الصغيرُ عَلى الكبيرِ، ويُسَلِّمُ الواحِدُ على الاثنَينِ، ويُسَلِّمُ القَليلُ على الكثيرِ، ويُسَلِّمُ الراكِبُ على الماشي، ويُسَلِّمُ المارُّ على القائمِ، ويُسَلِّمُ القائمُ على القاعِدِ»[26] ، وعن الإمام الصَّادق قال: «يُسَلِّمُ الصغيرُ على الكبيرِ، والمارُّ على القاعِدِ، والقليلُ على الكَثيرِ»[27] .
ومن آداب السلام: أن يقول البادئ بالسلام: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) بضمير الجمع، وإن كان المخاطب شخصًا واحدًا، وذلك لمزيد من الاحترام والتقدير له، فقد روي عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ تَرُدُّ عَلَيْهِمْ رَدَّ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا: عِنْدَ الْعُطَاسِ، يُقَالُ: «يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ» وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ؛ وَالرَّجُلُ يُسَلِّمُ عَلَى الرَّجُلِ، فَيَقُولُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ»؛ وَالرَّجُلُ يَدْعُو لِلرَّجُلِ، فَيَقُولُ: «عَافَاكُمُ اللَّهُ» وَإِنْ كَانَ وَاحِداً؛ فَإِنَّ مَعَهُ غَيْرَهُ »[28] .[29] .
ومن آداب السلام: إلقاء السلام على من تعرفه ومن لا تعرفه من المؤمنين والمسلمين، فعن عبد الله بن عمرو: أَنَّ رَجُلًا سَأَل رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَال: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ»[30] ، وعن الإمام الصادق قال: «لِلْمُسْلِمِ عَلى أَخِيهِ مِنَ الْحَقِّ: أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَهُ؛ ويَعُودَهُ إِذَا مَرِضَ؛ ويَنْصَحَ لَهُ إِذَا غَابَ؛ وَيُسَمِّتَهُ إذَا عَطَسَ ....»[31] .
ومن آداب السلام، إلقاء السلام عند دخول المجلس، لما روي عن الإمام عليّ أنه قال: «لِكُلِّ داخِلٍ دَهْشَةٌ، فابدَؤوا بِالسلامِ»[32] .
تارة يسلم الإنسان على الآخرين ببرودة، أو بطريقة غير لائقة، وتارة أخرى يسلم بحرارة، ويظهر مشاعر المحبة والمودة والاحترام، والكلام نفسه يقال في الرد على السلام، فمن الناس من يرد السلام ببرودة وجفاف، وبالكاد تسمع رد التحية، وتارة أخرى يرد التحية بأحسن منها، والسلام بأحسن منه؛ ما يزيد من الألفة والمحبة والمودة بين الناس، وهذا ما ينبغي فعله، وهو رد التحية بأحسن منها، وهي زيادة كمال وأدب وفضل، وفيها بركة وزيادة أجر وثواب.
روي عن الإمام الصادق أنه قال: «إِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْهَرْ بِسَلَامِهِ، لَا يَقُولُ: سَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيَّ، وَلَعَلَّهُ يَكُونُ قَدْ سَلَّمَ وَلَمْ يُسْمِعْهُمْ، فَإِذَا رَدَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْهَرْ بِرَدِّهِ، وَلَا يَقُولُ الْمُسَلِّمُ: سَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيَّ».
ثُمَّ قَالَ: «كَانَ عَلِيٌ يَقُولُ: لَاتَغْضَبُوا، وَلَاتُغْضِبُوا، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطِيبُوا الْكَلَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِمْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ﴾[33] »[34] .
وقد كان رسول الله ﷺ يظهر مشاعر المحبة والمودة مع أصحابه، ويبدأهم بالسلام، ويرحب بهم «فكان من خلقه أن يبدأ من لقيه بالسلام، ومن قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف، وما يأخذ أحد بيده فيرسل يده حتى يرسلها الآخر، وكان إذا لقي أحدًا من أصحابه بدأه بالمصافحة، ثم أخذ بيده فشابكه ثم شَدَّ قبضته عليها ...، وكان يكرم من يدخل عليه حتى ربما بسط ثوبه لمن ليست بينه وبينه قرابة ولا رضاع يجلسه عليه، وكان يؤثر الداخل عليه بالوسادة التي تحته فإن أبى أن يقبلها عزم عليه حتى يفعل، ولقد كان يدعو أصحابه بكناهم إكرامًا لهم واستمالة لقلوبهم، ويكني من لم تكن له كنية، فكان يدعى بما كناه به»[35] .
إن إظهار مشاعر الاحترام والاهتمام بالآخرين يزيد من محبة الناس، وكسب الكثير من الأصدقاء والمعارف، ومن مصاديق الاهتمام والاحترام الابتداء بالسلام والمصافحة بحرارة ورد التحية بأحسن منها.
لا يقتصر رد التحية بأحسن منها على الكلام، إذ يشمل الفعل والسلوك أيضًا، فقد تتبادل مع من يبدأك بالتحية عبر فعل أو سلوك عملي بالرد بنفس الطريقة أو أحسن منها.
فقد روى أنس قال: كُنتُ عِندَ الحُسَينِ فَدَخَلَت عَلَيهِ جارِيَةٌ بِيَدِها طاقَةُ رَيحانٍ فَحَيَّتهُ بِها، فَقالَ لَها: أنتِ حُرَّةٌ لِوَجهِ اللَّهِ تَعالى.
فَقُلتُ: تُحَيّيكَ بِطاقَةِ رَيحانٍ لا خَطَرَ لَها فَتُعتِقُها؟!
قالَ: كَذا أدَّبَنَا اللَّهُ جَلَّ جَلالُهُ، قالَ: ﴿وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾[36] ، فَكانَ أحسَنَ مِنها عِتقُها[37] ، وروي مثل ذلك عن الإمام الحسن المجتبى ، فقد بادل التحية بباقة ريحان بعتقها، وفي هذا دليل على أن التحية لا تقتصر على الكلام بل تشمل جميع أنواع البر والإحسان.
من المؤسف ما نراه أحيانًا في المجتمع من تفاخر بعض الناس بعدم السلام على الآخرين لمجرد اختلاف في المذهب أو التقليد أو الأفكار، أو لحدوث سوء فهم وتفاهم قد يحدث حتى بين الأقرباء والأرحام فضلًا عن الأباعد، فيتعامل مع أرحامه وإخوانه وأصدقائه وزملائه بعدم السلام عليهم، وهذا خلاف التعاليم الدينية التي تحث على إفشاء السلام، الذي هو تحية الإسلام، ولا يجب أن يكون مرهونًا بالاتفاق في كل شيء.
والحقيقة أن عدم السلام ليس محلًا للتفاخر بل هو تعبير عن سوء الأخلاق، وابتعاد عن نهج الإسلام وتعاليمه التي تحث على ملاقاة المسلم بالسلام والتصافح، فقد روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: «إذا تَلاقَيتُم فَتَلاقَوا بِالتَّسليمِ والتّصافُحِ، وإذا تَفَرَّقتُم فَتَفَرَّقُوا بِالاستِغفارِ»[38] .
وما ورد في بعض الروايات من النهي عن السلام على بعض الأشخاص كالفاسق المعلن لفسقه، والمرابي، والفاسد فإنما يصح فعله إذا كان عدم السلام يؤثر عليهم إيجابيًّا ويردعهم عن فعل المنكرات؛ وأما إذا كان السلام عليهم والترحيب بهم يؤدي إلى جذبهم نحو طريق الحق والهدى فالمطلوب فعل ذلك؛ لأن هدف الإسلام هو جلب الناس إلى طريق الحق وليس تنفيرهم من الدين.