حقائق وحقوق ثابتة
في مُحاضرة قَيمّة من مُحاضرات المُوَجِه والخطيب السيد الفاضل مجاهد الخباز والتي تميزت بالكثير من النقاط المهمة والفاعلة التي تُلامس المرأة بشكلٍ عام وتركز على الأمُومَة وتبعاتها بِشكلٍ خَاص وتحتاج إلى تأصيل وتفصيل واستَغرِق وقتاً في بَحثِها ومناقَشتِها، ولكنا سنُركِز على الأهم ثم الأهم ما استطعنا إلى ذلِك سبيلا، وخاصةَ فيما ما تَلاقيه المرأة أثناء الحَمل ومتاعِبُه ومدى الصبر والجُهد التي تُكابِدُه فترة الوِلادَة والحَضَانة، بِحيث تَستقبلهُ الأم بِعَين الرِضا والقُبُول من غير تأفُف ولا تململ وتنتظر هذا الحدث بفارغ الصبر عَكس الأب الذي يكون تفاعله هو تساؤله عند المخاض هل الوليد القادم بخير وإن كان يعرف مسبقا ذكرا أو أنثى نتيجة التقنيات الطبية الحديثة ليس إلا ومن جانب آخر تراه لا يتفاعل بقوة ونشاط في تَحمُل مسؤولية تربية الطِفل أو القِيام بِواجِباتِه إلا ما ندر.
وهذا هو شأن الله سبحانه في خَلقِه، حيثُ إن التَركِيب والتكوين الخلقِي أعطى المرأة خصائص سيكولوجية وبيولوجية وجسمية تهيئها لِتَقبل هذا الأمر بسعة صدر وترحاب في حين يختَلف الرَجُل في تركيبته الجِسمِية والنَفسِية عن المرأة، فتراها أكثر عطفاً وحناناً وحُباً لِمَولُودها. فتقوم بواجباتها من رضاعة وحضانة ورعاية وراضية كل الرضا واسترسل السيد حفظه الله في ذكر شؤون أخرى متعلقة لا يمكننا الخوض فيها لأنها تحتاج إلى صفحات وصفحات لشرحها والتعمق فيها.
ولكن هُنا نُشير إلى نُقطَة مُهِمَة وخطيرة وهيَ.... هل يقدر هذا الوليد عندما يشب ويكبُر أخذ هذا بالاعتبار ورد الجميل، فَيُطِيع والديه ويشبعهما احتراما وحبا وتقديرا ويُقَدِم نفسهُ كخادِم تحت قَدَم والدتِه وَيرُد هذه التضحيات الجبارة بما هوَ أعظم وأكثر شأناً ويكون رهن وإشارة والديه كما يقول المنطق والواجب على ما بذل في سبيله مِن السهر والتعب والصبر وما واجهه والداه عندما ربياه في صِغرِه وريعان شبابه حتى كبر وأصبح رجلا، أم يكون عاقَاً ناكِراً للجميل، ولا يقيم أهمية تُذكَر فما إن اعتمد على نفسه وكان جاهزا لتحمل المسؤولية ترى بعضا من هؤلاء يتنصل ويتهرب من أداء الواجب والمطلوب منه في رعاية وعناية والديه عندما تشيب أعمارهما ويكبران ولا يجدان من يأخذ بأيديهما إلى شاطئ الأمان فيشعران سريعا بخيبة أمل إذا لم يقم فلذات أكبادهم حسب المعقول والأصول ويهيئوا لهما حياة كريمة وهادئة.
هُنا الاختبار الحَقيقي في كيفية معالجة المواقف الحساسة في كيفية المفاضلة وكَسب وُدِ وحُبِ الوالدين على المسؤوليات الأخرى المتقابلة والمتضادة مع أطراف أخرى قريبة في حياتهم كزوجاتهم مثلا، فالأيام كفيلة بِكَشف الواقِع حيثُ أولاً وأخيراً القرار بيد من يملك القرار الصائب، ويضعه موضع التنفيذ والتطبيق لأنه ينطلق من مشاعر وأحاسيس إنسانية وتربوية وسلوك أخلاقي من الحفاظ على التلاحم وتقارب الأرحام المقدس.
وليضَع كُلُ شاب وشابَة الآية القُرآنية الكريمة نصب أعينهما التي تقول: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾ [الأحقاف: آية 15].
فَهَل يَعِي شبابنا وشاباتنا هذا الأمر ولا يُقاطِعون أرحامهم وخاصة والديهم تحت أي ظَرف كانَ أو يكون.