فاز المتاجرون مع الحسين (ع)
انقضت أيام عاشوراء الإمام الحسين بن علي عليهما السلام لعامنا هذا ”1446“ هجرية، ”وحرارة مصابه باقية في قلوبنا مشتعلة ما حيينا نبكيه وردًا كل صبح ومساء“. ربح المتاجرون معه وفازوا.
من أسس خالصًا لوجه تعالى مجلسًا يُحيي أمره، ومن خطيب ملتزم بالوقت متعامل بأخلاق أدى الواجب المطلوب منه، ومن شارك بمال حلال مُحرر من قيوده أو حضر مأتمًا يعتصر ألمًا ودمعت عيناه، أو ساهم في خدمة مستمعين سقاهم وضيفهم، أو قدم مساندة في مجالات أخرى تتعلق بالمناسبة.
ومن شرب عذب ماء وذكر العطش فتموجت مُهجته، أو استغفر ذنوبه وأصلح سريرته مستفيدًا من منبره، أو جُرحت مشاعره فعفا حبًا لأجله، ومن صالح رحمًا وجارًا وصل بعد قطيعة إكرامًا لإمامه، أو أبرأ ذمة غريم عاجز عن سداد حقه تصدقًا وتقربًا، ومن قضى حاجة مؤمن تطوعًا لحبه ، الكل من هؤلاء ربح وفاز في تجارته، وأيضًا من توجه نحو قبره الشريف من قريب أو بعيد زائرًا مسلمًا.
ولكن الأكبر ربحًا والأعظم فوزًا ونماءً. كما تعلمون سنتنا هذه رمضاء قاضة تحرق الأرجل وتشوي الوجوه، ولنا أولاد وإخوان وبنات وأخوات من أول المحرم آلوا على أنفسهم لا ينامون ليلًا أو يستريحون نهارًا حتى يجهزون وجبات إطعام لضيوفه ”دون مقابل مادي من أحد أو رجاء شكر“ ولو سألتهم عن أجر عملهم لقالوا ”على سيدنا المولى “ فمن مثل هؤلاء ومن؟ يخدمون كريمًا في أجواء صعبة قاسية. لا شك أن أجورهم مضاعفة أضعافًا يستحقون عليها ذلك وأزيد.
هم جنود مجهولون - حر شديد نار تسعر شمس هجير غبار ودخان واختناق والعمل دون انقطاع... إحدى المؤمنات من سكنة ”حي الدانة - سيهات“ أثناء إعدادها لمأتم وبعد إرهاق من عملها المتواصل تحضير مواد حتى وقت السحر ولضيق طبخ إذا تنفس الصبح إلى العصر تعرضت لحالة إغماء شديدة وسقطت على قدر تغلي فأصيبت وظن من حولها «...» وما أن تماثلت للشفاء ومع أنها لا زالت تعاني من إصاباتها عادت لما كانت عليه ولسان حالها يقول ”راحتها في تعبها“ ترى خدمة سيدها ومولاها معينًا باردًا على قلبها. امرأة جليلة القدر عظيمة الشأن هنيئًا لك يا [أم - أ] إنه الوفاء والتفاني والإيثار والولاء الحقيقي. فكم لهذه الحرة من جزاء عند إمامها؟...
إذًا ليس كثيرًا أن نقف إكبارًا وإجلالًا نقبل أيديهم المكتوية بحواف القدور وجباههم المنصهرة من لفح اللهب وأجسامهم المتصببة عرقًا من التحميل والتنزيل. وأن يجدونا عند حاجة نقضيها تكريمًا لما قاموا به. لهم الشكر وجزاهم الله خيرًا رحم من رباهم على هذا الحب والولاء وعودهم. وأن يجعلهم برحمته سبحانه من رفقاء الحسين يوم الورود ”أرواحنا فداه“ إنه لحق فوز عظيم.