آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 6:12 م

التأمينات الاجتماعية وموجبات توسيع الاشتراك الاختياري

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

الاشتراك الاختياري في التأمينات هو من الأمور التي ستحدث فرقاً نوعياً، وفاصلاً ملموساً بين ما كان يمارس قبل صدور النظام الجديد للتأمينات وبعده. وتنبع تلك الأهمية من اعتبارات عدة، ليس أقلها أن أصحاب الدخل العالي قد يرغبون بأن يحصلوا على راتب تقاعدي أعلى للحفاظ على مستوى معيشتهم؛ وهذه النقطة مبررة باعتبار أن سقف الراتب حالياً هو 45 ألف ريال، كما حددته الفقرة“ب”من المادة التاسعة عشرة من نظام التأمينات الاجتماعية للعام 1421 هـ ، أي الذي صدر قبل 24 سنة هجرية، والفاصل بين ذلك التاريخ والآن جيل، وقفزات حققها الاقتصاد السعودي ومعه سوق العمل السعودية؛ فبين ذلك العام والعام 2024، ولعل أبرزها تصاعد نسبة مشاركة السعوديين «ذكور وإناث» في قوة العمل، ومن جانب آخر تضاعف عدد المشتركين في التأمينات، ففي العام 2000 كان عدد المشتركين في حدود 2,6 مليون مشترك، وحالياً وصل عدد المشتركين إلى 11,5 مليون مشترك، موزعين على ما يربو على مليون منشأة. وتضاعف نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي «بالأسعار الجارية» أكثر من ثلاثة أضعاف. ما يعني وجاهة الطلب برفع الحد الأعلى للأجر الأساسي لما هو أعلى من سقف 45 ألف ريال، وبالإمكان تحديد السقف الجديد بناءً على معايير محددة، أو حتى التمعن في مزايا تحديد سقف من عدمه، أي بإزالة أي قيد عن الحد الأعلى للاشتراك.

والأمر لا يقتصر على إعادة النظر في قيمة السقف، بل كذلك التحرك الجاد لطرح منتجات للاشتراك الاختياري، وعلينا ملاحظة أن هذا القرار بيد مجلس الإدارة، وبالإمكان تنفيذه وفقاً للدراسات الاكتوارية، والتي تجريها مؤسسة التأمينات الاجتماعية دورياً بالضرورة نتيجة لطبيعة عملها، بما يتيح أن يشترك الموظف إلزامياً، وفوق ذلك يشترك اختياريا، في منتجات تطرحها مؤسسة التأمينات.

والتوسع في طرح منتجات التقاعد الاختيارية أمر محوري في سوق عمل ما برحت تعتمد على العمالة الوافدة من جهة، وتسعى حثيثاً لمزيد من الانفتاح وتوفير حرية حركة للعمالة «سعودية ووافدة»، وتطمح لاستقطاب الكفاءات وأصحاب المهارات العالية، مما يعني هيكلة برامج تقاعدية اختيارية للعمالة الوافدة، يشترك فيها أثناء فترة عمله في السعودية، ويأخذ حصيلتها عند مغادرته. وهذه النقطة بالتحديد تستحق دراسة مستفيضة للاستفادة من مدخرات العاملة الوافدة، والحد من تحويلات العمالة الوافدة باستخدام أدوات إيجابية محفزة، تعود بالفائدة على الأطراف كافة. ولعل من المناسب أن يتسع نطاق الدراسة لتقييم جدوى مَذّ الحماية التأمينية لتشمل عدداً أوسع من البلدان، فهذه الحماية مقتصرة حالياً على أبناء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى