مسؤلية خُطباء المنبر الحسيني ودورهم الحيوي
ها نحن نعيش هذه الأيام ذكرى ملحمة عاشوراء الفداء والشهادة والتضحية والإباء التي حققت انتصار الدم على السيف والعدل على الظلم والحيف، ورسخت الحق وزهقت الباطل إن الباطل كان زهوقا.
من هنا فإننا نناشد ونأمل من خطبائنا الأفاضل حفظهم الله بأن يعدوا العدة كاملة لهذا الحدث التاريخي المجيد والخالد، وإن يشبعوه بحثا وتمحيصا وتدقيقا والبعد عن ما يهون من مكانته ورمزيته وعظمته وشأنه، وذلك بالتحقق الكامل والدقيق في متابعة أحداثه أولا بأول، واستغلال وتسخير هذه الذكرى الأليمة والفاجعة التي تركت أبعاد قيمة لا حدود لها بالتركيز على أهدافها وحقائقها ونتائجها وما تولد عنها من مناهج تربوية وسلوكية وأخلاقية ومعالجة القضايا الاجتماعية بشكل شفاف وهادف يؤسس لقاعدة عريضة فيها الهدى والنور لهذه السيرة العطرة الممزوجة بدم الشهداء وبطولاتهم وتضحياتهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأسلوب حضاري بعيد عن المزايدات والمبالغات، فقد صدق المثل القائل، إذا أردت أن تطاع فأمر بما هو مستطاع، ونكملها بالحكمة التي تقول: فما لا يدرك كله لا يترك جله، فإيصال المعلومة إلى مستمعها هو فن يتقنه صاحب الخبرة والمعرفة والدراية، وأنتم أيها الخطباء الأفاضل بحنكتكم وأسلوبكم الشيق والمثير أهلا لكل ذلك، بل الأقدر والأجدر بالالتزام بالطرح العقائدي والفلسفة الإسلامية البعيدة عن المبالغات والمزايدات التي لا نفع فيها، بل ضررها يترك شرخا ومجالا للمهاترات الكلامية والأخذ والرد.
إذن المنبر الحسيني هو عبارة عن مدرسة متنوعة في الفكر والثقافة والمعرفة والتربية، ومما لا شك فيه أن خطباءنا حفظهم الله على علم واطلاع بما هو متيسر ومطلوب منهم وهم العالمون والعارفون بذلك، ومن باب التذكير ليس إلا، وهذا مصداقا لقوله تعالى جل وعلا عندما قال: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: آية 55] صدق الله العلي العظيم.
مأجورين ومثابين بهذه الذكرى الأليمة.